ماله الذي كان متفرقا على تجارها وغيرهم، فاستأذن الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- أن يذهب إلى مكة كاتماً إسلامه ليعمل على تخليص ماله ونجاته به من قريش، فإذن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ورأى أنه لا بد أن يحتاج في خداع قريش إلى شيء من النقول بخلاف الواقع فقال للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم: "أنه لا بد لي - يا رسول الله - من أن أقول" قال: "قل".
فخرج حتى أتى قريشا فاسألوه عن النبي -صلى الله عليهوآله وسلم- وأصحابه فقال لهم هزم شر هزيمة وقتل أصحابه شر قتل وأخد أسيرا وقال أهل خيبر لا نقتله حتى نبعته إلى أهل مكة فيقتلوه بما قتل من رجالهم. فصدقته قريش فقال لهم أنه يريد أن يعجل إلى خيبر قبل أن يسبقه التجار إليها فأعانوه على جمع ماله حتى نجا به وانطلت عليهم حيلته.
وكان قبل أن يفارق جاءه العباس يسأله عما جاء به من الخبر فأخبره بالحقيقة على وجهها واستكتمه حتى يمضي على خروجه من مكة ثلاثة أيام فلما مضت الثلاثة الأيام لبس العباس حلته وجاء فطاف بالكعبة فلما رأته قريشاً على تلك الحالة الطيبة قالوا له هذا والله التجلد على المصيبة يعنون ما جاءهم به الحجاج من الخبر عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فأخبرهم العباس بجلية الأمر وأن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- افتح خيبر وتزوج ببنت ملكهم وأن الحجاج أخد أموالهم ليلحق به فاشتد عليهم ذلك وبلغ منهم المبلغ العظيم من الأسف والحنق.
وحديث الحجاج هذا قال الإمام عبد البر: "صحيح من رواية ثابت البناني وغيره عن انس" ورواه من الأئمة أحمد وغيره.
{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}.