يَأْتِي على النَّاس زمَان لَا يسلم لذِي دين دينه إِلَّا من هرب بِدِينِهِ من شَاهِق إِلَى شَاهِق وَمن حجر إِلَى حجر فَإِذا كَانَ ذَلِك الزَّمَان لم تنَلْ الْمَعيشَة إِلَّا بسخط الله تَعَالَى فَإِذا كَانَ كَذَلِك كَانَ هِلَال الرجل على يَدي زَوجته وَولده فَإِن لم يكن لَهُ زَوْجَة وَلَا ولد كَانَ هَلَاكه على يَدي أَبَوَيْهِ فَإِن لم يكن لَهُ أَبَوَانِ كَانَ هَلَاكه على يَدي قرَابَته أَو الْجِيرَان قَالُوا كَيفَ ذَلِك يَا رَسُول الله قَالَ يُعَيِّرُونَهُ بِضيق العيشة فَعِنْدَ ذَلِك يُورد نَفسه الْمَوَارِد الَّتِي يهْلك فِيهَا نَفسه
والكفاف أفضل من الْفقر والغنى قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قد أَفْلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بِمَا رزقه وَقَالَ طُوبَى لمن هدي لِلْإِسْلَامِ وكانن عيشه كفافا وقنع بِهِ وَقَالَ
اللَّهُمَّ اجْعَل رزق آل مُحَمَّد كفافا رُوِيَ الأول والأخير مُسلم وَالثَّانِي التِّرْمِذِيّ وَرُوِيَ أَيْضا حَدِيث
إِن أعبط أوليائي عِنْدِي الْمُؤمن خَفِيف الحاذ ذُو حَظّ من الصَّلَاة أحسن عبَادَة ربه وأطاعه فِي السِّرّ وَكَانَ غامضا فِي النَّاس لَا يشار إِلَيْهِ بالأصابع وَكَانَ رزقه كفافا فَصَبر على ذَلِك وروى مُسلم حَدِيث
يَا ابْن آدم إِنَّك إِن تبذل الْفضل خير لَك وَإِن تمسكه شَرّ لَك وَلَا تلام على كفاف وَقيل
الْفقر مَعَ الصَّبْر أفضل فَفِي الصَّحِيح
يدْخل فُقَرَاء الْمُسلمين الْجنَّة قبل أغنيائهم بِنصْف يَوْم وَهُوَ خَمْسمِائَة عَام وَعند التِّرْمِذِيّ
اللَّهُمَّ أحيني مِسْكينا وأمتني مِسْكينا واحشرني فِي زمرة الْمَسَاكِين يَوْم الْقِيَامَة وَقيل
الْغنى مَعَ الشُّكْر أفضل لحَدِيث الصَّحِيحَيْنِ
ذهب أهل الدُّثُور بِالْأُجُورِ الحَدِيث
وَفضل قوم التَّوَكُّل على الِاكْتِسَاب بِالْإِعْرَاضِ عَن أَسبَابه اعْتِمَادًا للقلب على الله تَعَالَى وَعكس قوم ففضلوا الإكتساب على تَركه وَفضل آخَرُونَ باخْتلَاف الْأَحْوَال فَمن يكون فِي توكله لَا يتسخط عِنْد ضيق الرزق عَلَيْهِ وَلَا يتطلع إِلَى أحد من الْخلق فالتوكل فِي حَقه أفضل لما فِيهِ من الصَّبْر والمجاهدة للنَّفس وَمن يكون فِي توكله بِخِلَاف مَا ذكر فلاكتساب فِي حَقه أفضل حذرا من التسخط والتطلع
وَالْمُخْتَار عِنْدِي أَنه لَا يُنَافِي التَّوَكُّل الْكسْب بل يكون مكتسبا متوكلا بِأَن