وَالْأول لَا تعلق لَهُ بِهَذَا الْفَنّ لِأَن إِيرَاد الْمَعْنى بطرق مُخْتَلفَة فِي الوضوح لَا بتأتى بالوضعية إِذْ السَّامع إِن كَانَ عَالما بِوَضْع الْأَلْفَاظ للمعنى لم يكن بَعْضهَا أوضح عِنْده من بعض وَإِلَّا لم يكن شَيْء من الْأَلْفَاظ دَالا لتوقف الْفَهم على الْعلم
والأخير أَي الْعقلِيّ الشَّامِل للجزء وَاللَّازِم وَهُوَ المبحوث عَنهُ فِي هَذَا الْفَنّ إِن قَامَت قرينَة على عدم إِرَادَته أَي مَا وضع لَهُ فَهُوَ مجَاز وَإِلَّا فكناية وَقد يبْنى الْمجَاز على التَّشْبِيه إِذا كَانَ اسْتِعَارَة فانحصر الْمَقْصُود من علم الْبَيَان فِيهَا أَي التَّشْبِيه وَالْمجَاز وَالْكِنَايَة
التَّشْبِيه الدّلَالَة على مُشَاركَة أَمر لأمر فِي معنى كزيد أَسد وصم بكم عمي وطرفاه أَي الْمُشبه والمشبه بِهِ إِمَّا حسيان أَي مدركان بِإِحْدَى الْحَواس الْخمس السّمع وَالْبَصَر والشم والذوق واللمس كالصوت الضَّعِيف بالهمس والخد بالورود والنكهة بالعنبر والريق بالشهد وَالْجَلد الناعم بالحرير أَو عقليان كَالْعلمِ بِالْحَيَاةِ وَالْجهل بِالْمَوْتِ أَو مُخْتَلِفَانِ بِأَن يكون الْمُشبه عقليا والمشبه بِهِ حسيا كالمنية بالسبع أَو عَكسه كالعطر بِخلق الْكَرِيم
وَوَجهه أَي التَّشْبِيه مَا يَشْتَرِكَانِ أَي الْمَعْنى الَّذِي قصد اشتراكهما فِيهِ تَحْقِيقا أَو تخييلا بِأَن لَا يُوجد ذَلِك الْمَعْنى فِي الطَّرفَيْنِ أَو أَحدهمَا إِلَّا على سَبِيل التخييل والتأويل كَقَوْلِه
(وَكَأن النُّجُوم بَين دجاها ... سنَن لَاحَ بَينهُنَّ ابتداع)
فَوجه التَّشْبِيه وَهُوَ الْهَيْئَة الْحَاصِلَة من حُصُول أَشْيَاء مشرقة بيض فِي جَوَانِب شَيْء مظلم أسود غير مَوْجُود فِي الْمُشبه بِهِ وَهُوَ السّنَن بَين الابتداع إِلَّا على طَرِيق التخييل لِأَن الْبِدْعَة تجْعَل صَاحبهَا كالماشي فِي الظلمَة فَلَا يَهْتَدِي لطريق وَلَا يَأْمَن أَن يَنَالهُ مَكْرُوه فشبهت بهَا وَلزِمَ بعكسه تَشْبِيه السّنة بِالنورِ وشاع حَتَّى تخيل أَن السّنة مِمَّا لَهُ بَيَاض وإشراق والبدعة مِمَّا لَهُ سَواد وإظلام فَصَارَ كالتشبيه ببياض الشيب وَسَوَاد الشَّبَاب
وأداته مرت فِي علم التَّفْسِير وَهِي الْكَاف وَمثل وَكَأن ثمَّ هُوَ أَي