قالت: ثم أتيتها مرة أخرى، فلما وزنت علق منه شيء بإصبعها فأدخلت إصبعها في فيها، ثم مسحت به التراب» (?).
فهذا التصرف من عمر - رضي الله عنه - ورع وتقوى، وزيادة في الحيطة، والحذر من الشبهة، وإلا فإن غسل الخمار، لن يعيد الطيب إلى المسلمين، ولكنه أتلف رائحته على امرأته زجراً وردعاً وخوفاً أن يتعدى هذا إلى غيره.
3 - وكان يوزن بين يدي عمر بن عبد العزيز مسك المسلمين، فأخذ بأنفه حتى لا تصيبه الرائحة، وقال: هل ينتفع منه إلا برائحته (لما استبعد هذا منه) (?).
4 - وجاءت أخت بشر الحافي إلى أحمد بن حنبل، وقالت: إنا نغزل على سطوحنا فتمر بنا مشاعل الظاهرية، ويقع الشعاع علينا، أفيجوز لنا الغزل في شعاعها؟ (يعني: هل يجوز لنا أن نغزل في ضوء شعاع غيرنا؟) فقال أحمد: من أنت عافاك الله؟ قالت: أخت (بشر الحافي) فبكى أحمد!! وقال: من بيتكم يخرج الورع الصادق، لا تغزلي في شعاعها (?).
- قلت: هذه حيطة بالغة، وربما يدخل هذا في باب التنطع في الورع، ولكنه يدل على حرص شديد وورع عظيم واتقاء للشبهات، وبعد في النظر لتحري الحلال المحض، وترك كل ما يأتي عن طريق آخر، مما يشك فيه خشية الوقوع في الشبهات.
5 - وقال ابن المبارك: كتب غلام لحسان بن أبي سنان الأهواز: إن قصب السكر، أصابته آفة، فاشتر السكر فيما قبلك في الجهة التي أنت فيها، فاشتراه من رجل، فلم يأت عليه إلا القليل، فإذا فيما اشتراه ربح ثلاثين