هذا الباب يعم أنواع التخفيف ولذا عسر ضبطه, قال أبو شامة: هو من أصعب الأبواب نثرا ونظما في تمهيد قواعده وفهم مقاصده, قال الجعبري1: وآكد أشكاله أن الطالب قد لا يقف عند قراءته على شيخه فيفوته أشياء, فإذا عرض له وقف بعد ذلك, أو سئل عنه لم يجد له أداء, وقد لا يتمكن من إلحاقه بنظرائه فيتحير, ومن ثم ينبغي للشيخ أن يبالغ في توقيف من يقرأ عليه عند المرور بالمهموز صونا للرواية ا. هـ. وقد أفرده غير واحد بالتأليف واختص به حمزة ليناسب قراءته المشتملة على: شدة الترتيل والمد والسكت, وقد وافقه كثيرون كما في النشر وغيره كجعفر بن محمد الصادق وطلحة بن مصرف والأعمش في أحد وجهيه وسلام الطويل ولغة أكثر العرب ترك الهمزة الساكنة في الدرج, والمتحركة عند الوقف كما في النشر وغيره, وأما الحديث المروي عن ابن عمر رضي الله عنهما ما همز رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا أبو بكر ولا عمر ولا الخلفاء, وإنما الهمز بدعة ابتدعوها من بعدهم فلا يحتج بمثله كما قاله أبو شامة, وأقره صاحب النشر وغيره قالوا: لأن في سنده موسى ابن عبيدة وهو ضعيف2.
ثم إن لحمزة: في تخفيف الهمز مذهبين: تصريفي وهو الأشهر ورسمي وإليه ذهب الداني في جماعة.
وتكون: الهمزة ساكنة ومتحركة, والساكنة خمسة أقسام الأول: المتوسط بنفسه ويقع بعد الحركات الثلاث نحو: "تأتوني، بئر، يؤمنون" الثاني: المتوسط بحرف ويكون بعد فتح فقط نحو: "فأوا" الثالث: المتوسط بكلمة ويقع بعد الحركات الثلاث نحو: "الهدى ائتنا، الذي ائتمن، قالوا ائتنا" الرابع: المتطرف اللازم ويقع بعد فتح نحو: "اقرأو" بعد كسر نحو: "هيئ" وليس في القرآن ما قبله ضم ومثاله "لم يسوء" الخامس: المتطرف وسكونه عارض للوقف ويقع بعد الحركات الثلاث نحو: "بدأ، يبدؤا، إن امرؤ" فهذه أقسام الهمز الساكن, وحكمه عنده أن يخفف بإبداله من جنس حركة سابقه: فيبدل واوا بعد الضم وألفا بعد الفتح وياء بعد الكسر وهذا محل وفاق عن حمزة إلا ما شذ فيه ابن سفيان, ومن تبعه من تحقيق المتوسط بكلمة لانفصاله, وأجروا الوجهين في المتوسط بحرف لاتصاله قال في النشر: وهذا وهم منهم وخروج عن الصواب, وأطال في بيانه واختلف عن هشام في الوقف على الهمز المتطرف فقط, فروى تسهيله في الباب كله على نحو ما سهله حمزة من غير فرق جمهور