جرى كثير على ذكره بعد الفاتحة لأجل الرحيم ملك, ومشى في الأصل, وتبعته على رسمهم في جعله أول الأصول لما ذكر, وأخرت سورة الفاتحة ومعها البسملة لأول الفرش لتجتمع السور, وهو عندهم اللفظ بساكن, فمتحرك بلا فصل من مخرج واحد, فقولهم اللفظ بساكن فمتحرك جنس يشمل المظهر والمدغم والمخفي, وبلا فصل أخرج المظهر, ومن مخرج أخرج المخفي, وهو قريب من قول النشر اللفظ بحرفين حرفا كالثاني؛ لأن قوله بحرفين يشمل الثلاث, وقوله حرفا خرج به المظهر, وقوله كالثاني خرج به المخفي وهو نوعان كبير وصغير الأول الكبير وهو ما كان الأول من المثلين, أو المتجانسين أو المتقاربين متحركا.
ثم إن لأبي عمرو من روايتي الدوري والسوسي في هذا النوع أعني: الكبير مذهبين: الإدغام والإظهار, كما أن له من الروايتين في الهمز الساكن مذهبين: التخفيف بالإبدال والتحقيق, فيتركب من البابين ثلاثة مذاهب كل منها صحيح مقروء به1.
الإظهار مع الإبدال؛ لأن تحقيق الهمز أثقل من إظهار المتحرك, فخفف الأثقل, ولا يلزم تخفيف الثقيل, وهو أحد وجهي التيسير من قراءته على الفارسي كالجامع من قراءته على أبي الحسن.
الثاني: الإدغام مع الإبدال للتخفيف وهو في جميع كتب أصحاب الإدغام من الروايتين جميعا, وهو عن السوسي في الشاطبية والثاني في التيسير, وهو المأخوذ به اليوم من طريق الحرز, وأصله, وبه كان يقرئ الشاطبي رحمه الله كما ذكره السخاوي, وهو مستند أهل العصر في تخصيص السوسي بوجه واحد.
الثالث: الإظهار مع تحقيق الهمز عملا بالأصل الثابت عن أبي عمرو من جميع الطرق, وأما الإدغام مع الهمز فلا يجوز عند أئمة القراء عن أبي عمرو لما فيه من تخفيف الثقيل دون الأثقل, نعم يجوز ذلك ليعقوب كما هو قاعدته كما يأتي, فالأولى أن يحتج لأبي عمرو بالاتباع, وأما منع الإدغام مع مد المنفصل لأبي عمر, وأيضا فلقوله في التيسير إذا أدرج أو أدغم لم يهمز فخص الإدراج الذي هو الإسراع بالمد والإدغام بالإبدال, وسيعلم مما يأتي إن شاء الله تعالى جواز مد المنفصل مع الإبدال, فقول النويري في شرحه الطيبة هنا: والإبدال لا يكون إلا مع القصر, إن أراد به السوسي من طريق الحرز فمسلم وإلا ففيه نظر؛ لأن كلا من الدوري والسوسي روى عنه مد المنفصل, وتحقيق الهمز والإبدال ولم يصرح أحد من المصنفين من طريق الطيبة