هي مستحبة عند الأكثر, وقيل واجبة وبه قال الثوري وعطاء لظاهر الآية, وقال بعضهم موضع الخلاف إنما هو في الصلاة خاصة أما في غيرها فسنة قطعا, وعلى الأول هي سنة عين لا سنة كفاية فلو قرأ جماعة جملة شرع لكل واحد الاستعاذة1.
والذي اتفق عليه الجمهور: قديما وحديثا أنها قبل القراءة, وقيل بعدها ونقل عن حمزة وقيل قبلها بمقتضى الخبر, وبعدها بمقتضى القرآن جمعا بين الأدلة ونقل الثاني عن مالك وغيره لم يصح وكذا الثالث, والمختار لجميع القراء في كيفيتها أعوذ بالله من الشيطان الرجيم, وهو المأخوذ به عند عامة الفقهاء, وحكي فيه الإجماع لكنه تعقب بما روي من الزيادة والنقص فلا حرج على القارئ في الإتيان بشيء من صيغ الاستعاذة مما صح عند أئمة القراء2.
فمما ورد: في الزيادة على اللفظ المتقدم أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم نص عليه الداني في الجامع, ورواه أصحاب السنن الأربعة عن أبي سعيد الخدري بإسناد جيد, وروي ذلك عن الحسن مع زيادة: إن الله هو السميع العليم مع الإدغام, وعن الأعمش من رواية المطوعي أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم, وعن الشنبوذي كذلك لكن بالإدغام3.
ومما ورد في النقص عنه: ما في حديث جبير بن مطعم المروي في أبي داود أعوذ بالله من الشيطان فقط4.
ويستحب: الجهر بها عند الجميع إلا ما صح من إخفائها من رواية المسيبي عن نافع, ولحمزة وجهان: الإخفاء مطلقا والجهر أول الفاتحة فقط, والمراد بالإخفاء الإسرار على ما صوبه في النشر, ومحل الجهر حيث يجهر بالقراءة فإن أسر القراءة أسر الاستعاذة؛ لأنها تابعة, وهذا في غير الصلاة أما فيها فالمختار الإسرار مطلقا, وقيد أبو شامة إطلاقهم اختيار الجهر بحضرة سامع, ويجوز الوقف على التعوذ ووصله بما بعده ببسملة كان أو غيرها من القرآن, وظاهر كلام الداني أن الأول وصلها بالبسملة, وأما من لم يسم فالأشبه الوقف على الاستعاذة ويجوز الوصل, وعليه لو التقى مع الميم مثلها نحو: "الرجيم ما ننسخ" أدغم من مذهبه الإدغام, كما يجب حذف همزة الوصل في نحو: "الرجيم اعلموا أنما"5.
تتمة: إذا قطع القارئ القراءة لعارض من سؤال أو كلام يتعلق بالقراءة لم يعده بخلاف ما إذا كان الكلام أجنبيا, ولو رد السلام فإنه يستأنف الاستعاذة, وكذا لو كان القطع إعراضا عن القراءة.