وفي أخرى لأحمد، وابي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة: (لا ترم النخل، وكل مما وقع، أشبعك الله وأرواك) .
وفي أخرى لأحمد، والشيخين، وأبي داود، وابن ماجةئ: (إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف، فاقبلوا، فإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم) .
وهذه الأحاديث كلها ظاهرة في الدلالة لأحمد رضي الله تعالى عنه على وجوب الضيافة الذي قال به، وبالأخذ كما ذكر فيها، وهي محمولة عند الشافعي رضي الله تعالى عنه وغيره ممن لم ير وجوب الضيافة على ما إذا كان الضيف مضطرا للحديث الصحيح: (لا يحل مال امرء مسلم غلا عن طيب نفس) .
فإن قلت: هو عام، وهذه الأحاديث خاصة فقدمت، فقلت: إنما يتجه التقديم حيث لم يكن الجمع بين الحديثين، وهنا أمكن الجمع بينهما، بحمل هذه على المضطر فعليه لا يعارض العام، والجمع بين الأحاديث ما أمكن أولى من إلغاء بعضها.
وقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (لا ترم النخل) الحديث فيه دلالة لمذهبنا أن الداخل إلى بستان، لا يجوز له أن يأكل إلا مما وقعن لا مما على الشجر ومحله إن كان غير محوط، وإلا لم يجز الأكل منه، ولا مما وقع عملا بالقرينة الظاهرة، فإن الساقط إنما جاز تناوله لدلالة القرائن على أن صاحبه يسمح به، فهو كسنابل الحصادين، وإنما توجد تلك القرائن مع عدم التحويط، أما مع وجوده، فالقرائن دالة على أنه لم يسمح بشيء منه.