وفي هذه العشرة أو قريب منها توفي محمد المهدي الكومي المرابط الصادقي المكناسي.
كان رحمه الله يحفظ السبع بتثبت وإتقان مع حس النطق بذلك، وله نظريات مبدعة. أخذ عنه العلم محمد بن عبد القادر ابن سودة الآتي الوفاة عام ثمانية وستين وثلاثمائة وألف. أخذ عنه بفاس عام ثلاثة عشر وثلاثمائة كما في إحدى كناشاته.
وفي يوم الجمعة حادي عشر ربيع الثاني موافق ثلاثين من مارس سنة اثنتى عشر وتسعمائة وألف ميلادية وقّع السلطان المولى عبد الحفيظ بن مولانا الحسن بمدينة فاس على معاهدة الحماية علي المغرب من قبل الدولة الفرنسية، وملخص شروطها إدخال الإصلاحات الإدارية والعدلية والعلمية والاقتصادية والمالية والعسكرية إلى غير ذلك مع احترام النظام الجديد لحقوق السلطان والدين الإسلامي بجميع المؤسسات وخصوصا الأحباس، ووعدت فرنسا بتقديم المساعدة للمحافظة على السلطان بحماية شخصية وعرشه وأمن رعيته في جميع المملكة، وأنها تبذل نفس هذه المساعدة لولي العهد ومن يخلفه على العرش المغربي. والممثلون السياسيون والقناصل الافرنسيون هم المكلفون بتمثيل وحماية المغرب ومصالحه في الخارج، والسلطان يتعهد بأن لا يعقد اتفاقا له صبغة دولية بدون موافقة الدولة الفرنسية. أنظر الأصل.
وفي ثامن وعشري ربيع الثاني كانت المذبحة الهائلة بفاس ومات فيها خلق كثير وجرح عدد أكثر، وهدمت القوات الفرنسية بعض المحلات منها قبة الشيخ أبي غالب بحومة صريوة داخل باب الفتوح، وكان مسجد باب عجيسة مربطا للدواب، ونهب ملاح اليهود.
وهذه الواقعة هي المعروفة عند العامة بفاس بواقعة دخول الفرانسيس أظهر فيها أهل فاس مع الأعراب المجاورين لها شجاعة وقوة لكن بدون نظام.
ولمّا هدأت الهيعة واستقر الاستعمار بفاس أول ما فعل جمع الأسلحة التي كانت عند أهل فاس علي اختلاف أنواعها وأشكالها حتى المديات الكبار وأعلن أن من أخفى شيئا من ذلك يعاقب أشدّ العقوبات.