في يوم الأربعاء حادي عشر صفر توفي محمد التهامي ابن حماد بن عبد الواحد المطيري الحمادي المكناسي، كان أعجوبة الدهر في الحفظ والإتقان والتحرير والإجادة، ناظما ناثرا.
تولى قضاء بلده مكناس ثم مراكش، وأقرأ في مجلس السلطان الحديث، له شعر يدل على عارضة كبيرة في الأدب. كان السلطان المولى عبد الرحمان لا يفارقه سفرا وحضرا. فدعته المنية بثغر الرباط وبه دفن بدويرة زاوية الشيخ أحمد ابن ناصر، لأنه اشتد به المرض بمراكش فأرسله السلطان المولى عبد الرحمان إلى داره بفاس، فلما وصل رباط الفتح اشتد عليه المرض قبل وصوله إلى فاس. تقدمت وفاة والده عام أربعين ومائتين وألف.
قال في حقه سيدنا الجد أحمد-رحمه الله-في بعض تقاييده: "شيخ مشايخنا أبو عبد الله سيدي محمد التهامي بن الولي البركة سيدي حماد بن عبد الواحد المطيري الشهير بالمكناسي، ولد بمكناس وبها نشأ ثم ارتحل إلى فاس فأخذ عن ابن الحاج والقاضي ابن سودة والزروالي وابن منصور وأبي العلاء العراقي. كان آية الله في الإدراك وسعة الحفظ، واستبحر في العلوم والتصوف محققا متقنا مبرزا في المعقول والمنقول، ويرحم الله القائل.
فقل لمن عنه غدا سائلا … قد جمعت فيه الخصال الحسان
ولي قضاء مراكش ومكناس فحمدت سيرته واشتهرت عدالته، له الجاه العظيم عند الناس والحرمة الوافرة، مقبول الكلمة معظم الجانب، مجلسه كثير الفوائد، عظيم الفرائد. قال شيخنا سيدي الطالب ابن الحاج في حقه: وقد لازمته في جل الفنون المتدوالة حديثا وفقها ونحوا وبيانا ومنطقا وأصولا، وأجازني بجميع مقروآته ومروياته حين استدعاه صاحبنا الفقيه سيدي محمد الكردودي للإجازة لي وله. ثم قال سيدنا الجد: توفي يوم الأربعاء حادي عشر صفر عام تسعة وأربعين ومائتين وألف برباط الفتح منعطفا إلى فاس من حضرة السلطان، لكونه كان شيخ الحضرة المولوية في قراءة صحيح الإمام البخاري، وعمره نيف وستون سنة"انتهى كلام سيدنا الجد.
وفي يوم السبت سابع وعشر سفر توفي محمد الضريف الحسني. كان دينا خيرا.
وفي رابع رجب توفي أبو القاسم بن محمد بن أحمد بن علي الزّياني، الكاتب المقتدر، الرحالة الوزير. ولد عام ثمانية وأربعين ومائة وألف، وقد طال عمره. ولي الوزارة زمن السلطان سيدي محمد بن عبد الله، وله تآليف عديدة جلها في تاريخ المغرب، منها الترجمان المعرب عن دول المشرق والمغرب؛ والبستان الظريف في دولة مولاي أولاد علي الشريف؛