الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على أشرف خلقه محمَّد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم. وبعد:
لما كان الإسناد ضرورة دينية -ولا سيما مع ظهور البدع والمحدثات المضلة- لئلا يُعتمد في النقل على أحد هؤلاء المبتدعة فينسب إلى الشرع ما ليس منه؛ كان التفتيش عن أحوال الرواة والبحث عن مراتبهم جرحًا أو تعديلًا من الأهمية بمكان عند المتقدمين والمتأخرين من أهل العلم. كما ورد عن محمَّد بن سيرين رحمه الله أنه قال: لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سَمُّوا لنا رجالكم. فيُنظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، ويُنظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم (?).
وقال أيضًا: إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم (?).
وقال سفيان الثوري: الإسناد سلاح المؤمن، فمن لم يكن له سلاح فبأي شيء يقاتل (?).
وقد تضافرت أقوال الأئمة للتأكيد على هذا المعنى بين الحين والآخر، الأمر الذي أدى إلى وجود سجلات -بالمعنى المعاصر- عن هؤلاء الرواة، فما عاد من