فَقُلْتُ: يَا يَرْفَأُ، أَبِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ شِكَاةٌ؟ فَقَالَ: مَا بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ شَكْوَى. فَجَلَسْتُ، فَجَاءَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَجَلَسَ، فَخَرَجَ يَرْفَأُ فَقَالَ: قُمْ يَا عُثْمَانُ، قُمْ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ. فَدَخَلَا عَلَى عُمَرَ فَإِذَا بَيْنَ يَدَيْهِ صُبَرٌ من مال، على كل صبرة منها كتف، فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي نَظَرْتُ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَوَجَدْتُكُمَا مِنْ أَكْثَرِ أَهْلِهَا عَشِيرَةً، فَخُذَا هَذَا الْمَالَ فَاقْسِمَاهُ، فَمَا كَانَ مِنْ فَضْلٍ فَرُدَّا. فأما عثمان فحثا، وَأَمَّا أَنَا فَجَثَوْتُ لِرُكْبَتِي وَقُلْتُ: وَإِنْ كَانَ نُقْصَانًا رَدَدْتَ عَلَيْنَا؟ فَقَالَ عُمَرُ: شَنْشَنَةُ مَنْ أخشن - يَعْنِي: حجرًا مِنْ جَبَلٍ- لَا، مَا كَانَ هذا عِنْدَ اللَّهِ- عَزَّ وَجَلَّ- إِذْ مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ يَأْكُلُونَ الْقَدَّ؛ فَقُلْتُ: بَلَى، وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ هَذَا عِنْدَ اللَّهِ- عَزَّ وَجَلَّ- وَمُحَمَّدٌ حَيُّ، وَلَوْ عَلَيْهِ فَتْحٌ لَصَنَعَ فِيهِ غَيْرَ الَّذِي تَصْنَعُ. فَغَضِبَ عُمَرُ، وَقَالَ: أَخْبِرْنِي صَنَعَ مَاذَا؟ قُلْتُ: إِذًا لَأَكَلَ وَأَطْعَمَنَا. قَالَ: فَنَشَّجَ عُمَرُ حَتَّى اخْتَلَفَتْ أَضْلَاعُهُ، ثَمَّ قَالَ: وَدِدْتُ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْهَا كَفَافًا لَا لِيَ وَلَا عليَّ ".
رَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.
2082 - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ "أَنَّ عُمَرَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَدِمَ الْجَابِيَةَ- جَابِيَةَ دِمَشْقَ- فَقَامَ خَطِيبًا ... " فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. إلى أن قال: "ثم قَالَ: أَلَا إِذَا انْصَرَفْتُ مِنْ مَقَامِي هَذَا فَلَا يَبْقَيَنَّ أَحَدٌ لَهُ حَقٌّ فِي الصَّدَقَةِ إلا أتاني. فلم يأته ممن حَضَرَهُ إِلَّا رَجُلَانِ، فَأَمَرَ لَهُمَا فَأُعْطِيَا، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: أَصْلَحَ اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا هَذَا الْغَنِيُّ المتفقِّد، بِأَحَقَّ بِالصَّدَقَةِ مِنْ هَذَا الْفَقِيرِ الْمُتَعَفِّفِ. قَالَ عُمَرُ: وَيْحَكَ، وَكَيْفَ لَنَا بِأُولَئِكَ؟! ". رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ.
2083 - وَعَنْ يَحْيَى بن عمرو بن يحيى بن سلمة الهمداني، عن أبيه، عن