ذَلِكَ مَنْزِلًا كَأَنَّ مَا هُوَ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ حُلْمٌ، قَالَ: رَبِّ أَعْطِنِي ذَلِكَ الْمَنْزِلَ. فَيَقُولُ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- لَهُ: فَلَعَلَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهُ تَسْأَلَ غَيْرَهُ؟ فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ وَأَيُّ مَنْزِلٌ أَحْسَنَ مِنْهُ. فَيُعْطَاهُ فَيَنْزِلَهُ، ثُمَّ يَسْكُتُ فيقول الله- جل ذكره-: مالك لَا تَسْأَلَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّ قَدْ سَأَلْتُكَ حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ. فَيَقُولُ اللَّهُ- جَلَّ ذِكْرُهُ- أَلَمْ تَرْضَ أن أُعْطِيكَ مِثْلَ الدُّنْيَا مُنْذُ خَلَقْتُهَا إِلَى يَوْمِ أَفْنَيْتُهَا وَعَشْرَةِ أَضْعَافِهِ؟ فَيَقُولُ: أَتَهْزَأُ بِي وَأَنْتَ رَبُّ الْعِزَّةِ؟ قَالَ: فَيَقُولُ الرَّبُّ- جَلَّ ذِكْرُهُ-: لَا وَلَكِنِّي عَلَى ذَلِكَ قَادِرٌ. فَيَقُولُ: أَلْحِقْنِي بِالنَّاسِ. فيقول: الحق بالناس. قَالَ: فَيَنْطَلِقُ يَرْمُلُ فِي الْجَنَّةِ حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَ النَّاسِ رُفِعَ لَهُ قَصْرٌ مِنْ دُرَّةٍ فَيَخِرُّ سَاجِدًا، فَيُقَالُ لَهُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ مَا لَكَ؟ فَيَقُولُ: رَأَيْتُ رَبِّي- أَوْ تَرَاءَى لِيَ رَبِّي- فَيُقَالُ: إِنَّمَا هُوَ مَنْزِلٌ مِنْ مَنَازِلِكَ. قَالَ: ثُمَّ يَلْقَى رَجُلًا فَيَتَهَيَّأُ لِلسُّجُودِ لَهُ فَيُقَالَ لَهُ: مَهْ. فَيَقُولُ: رَأَيْتُ أَنَّكَ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ. فَيَقُولُ: إِنَّمَا أَنَا خَازِنٌ مِنْ خُزَّانِكَ وَعَبْدٌ من عبيدك، تحت يدي ألف قهرمالى عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ. قَالَ: فَيَنْطَلِقُ أَمَامَهُ حَتَّى يَفْتَحَ لَهُ الْقَصْرَ، قَالَ: وَهُوَ مِنْ دُرَّةٍ مُجَوَّفَةٍ سَقَائِفُهَا وَأَبْوَابُهَا وَأَغْلَاقُهَا وَمَفَاتِيحُهَا مِنْهَا، تستقبله جَوْهَرَةٌ خَضْرَاءٌ مُبَطَّنَةٌ بِحَمْرَاءَ فِيهَا سَبْعُونَ بَابًا، كل باب يفضي إلى جوهرة خضراء مبطنة، كل جوهرة تفضي إلى جوهرة على غير لون الأخرى، في كل جَوْهَرَةٍ سُرُرٍ وَأَزْوَاجٍ وَوَصَائِفٍ، أَدْنَاهُنَّ حَوْرَاءٌ عَيْنَاءٌ، عَلَيْهَا سَبْعُونَ حُلَّةٌ، يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ حُلَلِهَا، كَبِدُهَا مِرْآتُهُ وَكَبِدُهُ مِرْآتُهَا، إِذَا أَعْرَضَ عَنْهَا إِعْرَاضَةً ازْدَادَتْ فِي عَيْنِهِ سبَعْيِنَ ضعفًا عما كانت قبل ذلك، فتقول: وَاللَّهِ لَقَدِ ازْدَدْتِ فِي عَيْنَيَّ سَبْعِينَ ضِعْفًا. فَيُقَالُ لَهْ: أَشْرِفْ. فَيُشْرِفُ فَيُقَالُ لَهُ: مُلْكُكَ مَسِيرَةُ مِائَةِ عَامٍ يَنْفُذُهُ بَصَرُكَ. قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: أَلَا تَسْمَعُ مَا يُحَدِّثُنَا ابْنُ أُمُّ عَبْدٍ يَا كَعْبُ عَنْ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلًا، فَكَيْفَ أَعْلَاهُمْ؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ ... " فذكر الحديث.
7684 / 3 - وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَلَفْظُهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - قال ... فذكر نحو حديث الطبراني إلا أنه قال: "ألم ترضوا أني أعطيتكم مثل الدنيا منذ يوم خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة أضعافها؟ قال: قال مسروق: فلما بلغ عبد الله هذا المكان من الحديث ضحك، قال: فقال له رجل: يا أباعبد الرحمن، لقد حدثت بهذا الحديث مرارًا فما بلغت هذا المكان من هذا الحديث إلا ضحكت! قال: فقال عَبْدِ اللَّهِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - يحدث