عدلا من ربكم؟ قالوا: بلى. فينطلق كل قوم إلى مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ وَيَقُولُونَ فِي الدُّنْيَا، قَالَ: فينطلقون ويمثل لَهُمْ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَنْطَلِقُ إِلَى الشَّمْسِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْطَلِقُ إِلَى الْقَمَرِ وَالْأَوْثَانِ مِنَ الْحِجَارَةِ وَأَشْبَاهِ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ، قَالَ: وَيُمَثَّلُ لِمَنْ كَانَ يَعْبُدُ عِيسَى شَيْطَانَ عِيسَى، وَيُمَثَّلُ لِمَنْ كَانَ يَعْبُدُ عُزَيْرًا شَيْطَانَ عزير، ويبقى محمد - صلى الله عليه وسلم - وأمته، قال: فيمثل الرب- تبارك وتعالى- فيأتيهم فيقول: مالكم لا تنطلقون كما انطلق الناس؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: إِنَّ لَنَا إِلَهًا مَا رَأَيْنَاهُ فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَهُ إِنْ رَأَيْتُمُوهُ؟ فَيَقُولُونَ: إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ عَلَامَةٌ إِذَا رَأَيْنَاهَا عَرَفْنَاهَا. قَالَ: فَيَقُولُ: مَا هِيَ؟ فَيَقُولُونَ: يَكْشِفُ عَنْ سَاقِهِ. فعند ذلك يكشفه عن ساقه، فيخر كل من كان لظهره، وَيَبْقَى قَوْمٌ ظُهُورُهُمْ كَصَيَاصِيِّ الْبَقَرِ يُرِيدُونَ السُّجُودَ فلا يستطيعون، وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون، ثم يقول: ارفعوا رءوسكم. فيرفعون رُءُوسَهُمْ، فَيُعْطِيهِمْ نُورَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ مِثْلَ الْجَبَلِ الْعَظِيمِ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى مِثْلَ النَّخْلَةِ بِيَدِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ، حَتَّى يَكُونَ آخِرُهُمْ رَجُلًا يُعْطَى نُورَهُ عَلَى إبهام قدمه يضيء مَرَّةً وَيُطْفِئُ أُخْرَى، فَإِذَا أَضَاءَ قدَّم قَدَمَهُ، وَإِذَا أُطْفِئَ قَامَ، قَالَ: وَالرَّبُّ- تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أمامهم، حتى يمر في النار، فبقى أثره كحد السيف، قال: فيقول: فَيَمُرُّونَ عَلَى قَدْرِ نُورِهِمْ، مِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَطَرْفَةِ الْعَيْنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالْبَرْقِ، وَمِنْهُمْ من يمر كالسحاب، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالرِّيحِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَشَدِّ الْفَرَسِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَشَدِّ الرَّجُلِ، حَتَّى يَمُرَّ الَّذِي يُعْطَى نُورَهُ عَلَى ظَهْرِ قَدَمَيْهِ يَجْثُو عَلَى وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، تَخِرُّ يَدٌ وَتَعْلَقُ يَدٌ، وَتَخِرُّ رِجْلٌ وَتَعْلَقُ رِجْلٌ، وَتُصِيبُ جَوَانِبَهُ النَّارُ، فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَخْلُصَ، فَإِذَا خَلُصَ وَقَفَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي أَعْطَانِيَ مَا لَمْ يُعْطِ أَحَدًا إِذْ نَجَّانِي مِنْهَا بَعْدَ إِذْ رَأَيْتُهَا، قَالَ: فَيُنْطَلَقُ بِهِ إِلَى غَدِيرٍ عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ فَيَغْتَسِلُ، فَيَعُودُ إِلَيْهِ رِيحُ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَلْوَانُهُمْ، فَيَرَى مَا فِي الْجَنَّةِ مِنْ خَلَلِ الْبَابِ، فيقول: رب أدخلني الجنة. فيقول الله: أَتَسْأَلُ الْجَنَّةَ وَقَدْ نَجَّيْتُكَ مِنَ النَّارِ؟ فَيَقُولُ: رب اجعل بَيْنِي وَبَيْنَهَا حِجَابًا حَتَّى لَا أَسْمَعَ حَسِيسَهَا، قَالَ: فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَيَرَى- أَوْ يُرْفَعَ لَهُ- مَنْزِلٌ أَمَامَ ذَلِكَ، كَأَنَّ مَا هُوَ فِيهِ إِلَيْهِ حُلْمٌ، فَيَقُولُ: أَعْطِنِي ذَلِكَ الْمَنْزِلَ. فَيَقُولُ: لعلك إن أعطيته تسأله غَيْرَهُ؟ فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ لَا أَسْأَلُ غَيْرَهُ، وَأَيُّ مَنْزِلٌ أَحْسَنَ مِنْهُ. فَيُعْطَاهُ فَيَنْزِلَهُ، وَيَرَى أمام