وربك على كل شيء قدير وكان ممن أجرى اللَّه تعالى به قلم قدرته المحقق إطلاقي من قيد الحرمان المضيق إلى سعة منارة ذلك الفضاء المطلق. فدخلت القدس الشريف في يوم السبت المبارك الثامن والعشرين من شهر رمضان المعظم قدره وحرمته سنة ثمانمائة وأربع وسبعين من الهجرة النبوية. فحصل لى في أول وهلة من بقية العشر الأواخر من شهر رمضان ما حصل لأهل السعادة إن شاء اللَّه -تعالى- من جزيل الفضل ووافر الامتنان وحضرت العيد في ذلك الجمع الذي تفرد بخطيبه ومنبره وتوضح بشر فلاح الفلاح على قوس محرابه، وأوضح غوره وسطح لنا الملك العظيم من مطالع أفقه وحلية طرازه ومسرى سواريه وعضائد السهى.
(هذا وقد أشرقت فيه الصخرة الشريفة على السها) وازدهرت مصابيح أنسها في سماء قدسها والصخرة قائمة بنفسها رفعها اللَّه الذي رفع السماء بغير عمد ترونها
فأنشدت:
بلغ الصدود المنتهى ... والقلب عنكم ما انتهى
وإذا رضيتم حالتي ... فيكم فذاك المشتهى
ها قد حللت بأرضكم ... متفيئا في ظلها
مستمطرا من سحبكم ... أهنئ هواطل وبلها