أن كان لي مثل هذا مما يصلح أن يكون ههنا مدينة فقال له غلامه: ولم يا مولاي؟ فقال ذو القرنين: أن أبني هنا مدينة فلا يكفي أهلها زرعها، ثم رحل من هناك وسار حتى صار إلى الثنية وحوران، وأشرف على تلك السعة ونظر إلى تلك التوبة الحمراء فأمر ألا يتناول من ذلك التراب، فلما صار في يده أعجبه؛ لأنه نظر إلى تربة حمراء كأنها الزعفران فأمر أن ينزل هناك ثم أمر أن يحفر في ذلك الموضع حفرة، فلما حفروا أمر برد التراب إلى الحفرة فردوه ففضل منه تراب كثير فقال ذو القرنين لغلامه دمشقش: ارجع إلى الموضع الذي فيه الأرز إلى ذلك الوادي فاقطع ذلك الشجر وابنى على حافة الوادي مدينة واسمها على اسمك فهناك يصلح أن يكون مدينة وهذا الموضع بحرها ومنه مسيرتها يعني البنية قال: فرسم دمشقش المدينة
الداخلة وعمل لها ثلاثة أبواب باب جيرون، وباب البريد، والباب الحديد، الذي هو داخل باب الفراديس وهو الذي عند قراسنقر، وبناها دمشقش، ومات فيها، وكان قد بنى هذا الموضع الذي هو الجامع اليوم كنيسة يعبد اللَّه فيها، وقيل إن الذي بناها اليونان، وقال يحيى بن حمزة: قدم عبد اللَّه بن علي بن عبد اللَّه بن عباس دمشق وحاصر أهلها فلما دخلها هدم سورها فوقع منه حجر عليه مكتوب باليونانية فأرسلوا خلف راهب ليقرأه، فقال: آتوني به فطع على الحجر فإذا عليه مكتوب ربك أم الجبابرة من أرادك بسوء قصمه اللَّه تعالى ويلك من الخمسة أعين ينقض سورك على يديه بعد أربعة آلاف سنة قال: فوجدنا تاريخه ذلك وتعني الخمسة أعين عبد اللَّه بن علي بن عبد اللَّه بن عباس بن عبد المطلب، قال الحافظ ابن عساكر: لما فتح اللَّه تعالى على المسلمين الشام بكماله ومن ذلك مدينة دمشق بأعمالها وأنزل اللَّه رحمته فيها وساق بره إليها وكتب أمير الحرب إذ ذاك وهو أبو عبيدة بن الجراح، وقيل خالد بن الوليد رضي اللَّه عنهما كتاب أمان وأقره بأيدي النصارى أربع