أجساد الأنبياء" لما قيل له: كيف تعرض صلاتنا عليك؟ وقد أرمت أي بليت إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي يفيد مجموعها العلم بأن موت الأنبياء صلوات اللَّه عليهم أجمعين ليس عدمًا محضًا كموت غيرهم بل هو انتقال من حالة إلى أخرى وغيبوا غيبا بحيث لا تدركهم وإن كانوا موجودين أحياء، وذلك كالحال في الملائكة فإنهم أحياء موجودون ولا يراهم أحد من نوعنا إلا من خصه اللَّه بكرامته من أوليائه وأصفيائه فإن قيل قد صح أن اللَّه تعالى توفاهم من الدنيا وذاقوا الموت كما قال أبو بكر الصديق -رضي اللَّه عنه- لنبينا -صلى اللَّه عليه وسلم-: أما الموتة التي كتب اللَّه عليك ذقتها فإذا كانوا أحياء، فقد أقامهم اللَّه تعالى بعد موتهم ذلك فيلزم من ذلك أنهم يموتون موتة ثانية عند النفخ في الصور، فيذوقون الموت أكثر من غيرهم فالجواب عن ذلك أنه إذا نفخ في الصور فصعق من في السموات، ومن في الأرض فلا شك أن صعق غير الأنبياء بالموت وأما صعق الأنبياء فالظاهر أنه غشية وزوال استشعار لا موت كغيرهم كيلا يلزم أنهم يموتون مرتين -
وهذا ما اختاره الإِمام البيهقي، والقرطبي، وغيرهما أن صعقتهم يومئذٍ ليس موتًا بل غشي أو نحوه، ويدل لصحته قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحديث "فلا أدري، أكان فيمن صعق فأفاق قبلي"، ولم يقل حي قبلي فإن هذا يقتضي أنه إذا نفخ النفخة الثالثة، وهي نفخة البعث يفيق من كان مغشيًا عليه، ويحيا من كان ميتا، والحاصل أن نبينا محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- تحقق أنه أول من يفيق، وأول من يخرج من قبره قبل الناس كلهم الأنبياء وغيرهم إلا موسى عليه السلام فإنه حصل له تردد هل بعث قبله أو بقي على حاله التي كان عليها قبل النفخة والصعق، وهذا الوجه أول ما يحمل عليه هذا الحديث، وهو الذي لا يتجه غيره واللَّه أعلم.
أما قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- "لا تفضلولني على موسى"، فقد ذكر العلماء رضي اللَّه عنهم فيه وجوها كثيرة منها أن هذا كان قبل أن يعلمه اللَّه تعالى بأفضليته فلما أعلمه اللَّه تعالى بذلك صرح به وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنا سيد ولد آدم، منها أن المنهي عنه هو التفاضل بينهم في النبوة فإنها درجة واحدة لا تفاضل