خلقها ولتملأن يدها من دمها.
فقال إبراهيم عليه السلام: خذيها فاختنيها فيكون سنة من بعدك وتتخلصين من يمينك ففعلت ذلك، فصارت سنة في النساء.
ثم إن إسماعيل وإسحاق اقتتلا ذات يوم كما يفعل الصبيان فغضبت سارة على هذا، وقالت لا تساكنيني في بلد أبدًا وأمرت إبراهيم أن يعزلها عنها فأوحى اللَّه تعالى إليه أن تأتي بهاجر وابنها إسماعيل مكة فذهب بهما وهي إذاك عضاه سلم وسمر حولها ناس يقال لهم العماليق فعمد إلى موضع الحجر فأنزلها فيه وأمر هاجر أم إسماعيل أن
تتخذ فيه عريشا ففعلت ثم دعا إبراهيم عليه السلام فقال: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ} [إبراهيم: 37].
وروى البخاري عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما أن إبراهيم عليه السلام ذهب بإسماعيل وأمه هاجر وهي ترضعه من الشام إلى مكة، وقيل نقله إلى مكة وهو فطيم، وقيل: رضيع، وقيل: كان له سنتان، وقيل غير ذلك فوضعها تحت دوحة وهي الشجرة الكبيرة وليس معهما وعاء فيها ماء وليس بمكة يومئذٍ أحد ولا بها ماء ووضع عندها جرابا فيه تمر ثم رجع فنادته أم إسماعيل يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا في هذا الوادي الذي ليس فيه أنيس؟ قالت له ذلك مرارًا وهو لا يلتفت إليها فقالت له: آللَّه أمرك بهذا؟ قال: نعم. قالت: إذًا لا يضيعنا اللَّه تعالى ثم رجعت فانطلق إبراهيم عليه السلام حتى إذا كان عند الثنية بحيث لا يرونه استقبل البيت بوجهه ثم دعا بهذه الدعوات رافعًا يديه.
قال: وجعلت أم إسماعيل ترضعه وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نفذ عطشت وعطش إسماعيل فجعلت تنظر إليه يتلوى من العطش فانطلقت كراهية أن تنظر إليه فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض إليها فقامت عليه وجعلت تتسمع هل تسمع صوتًا أو ترى شيئًا؟ فلم تسمع صوتًا ولم تر أحدًا، ثم إنها سمعت أصوات السباع حول إسماعيل فأقبلت حتى قامت عليها فلم