أطوف به في تلك المواضع فيصلي فيها، قال: فقلت له: إن ههنا شيخا يحدث عن الكميت يقال له: عقبة بن أبي زينب، فلو جلسنا إليه، قال: فجلسنا إليه فجعل يحدث عن فضائل بيت المقدس، فلما أكثر قال الزهري: أيها الشيخ إنك لن تنتهى إلى ما انتهى إليه قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [الإسراء: 1] ومنها قوله تعالى لبني إسرائيل {ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 58] فلم يخص اللَّه تعالى مسجدا سوى بيت المقدس بأن وعدهم أن يغفر لهم خطاياهم بسجدة فيه دون غيره إلا بفضل خصه به، ومنها قوله تعالى لإبراهيم ولوط عليهما السلام: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 71] والمراد به بيت المقدس، ومنها قوله تعالى: {وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} [المؤمنون: 50] قال بعض المفسرين: المراد بيت المقدس، ومنها قوله تعالى لبني إسرائيل: {ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} [المائدة: 21] فسماه اللَّه تعالى مرة مباركا ومرة مقدسا ومنها قوله تعالى: {يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} [المعارج: 43]