[فرق لهما وفعل، فكفر عن يمينه، قال اللَّه تعالى: {وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا} [مريم: 14]] (*) فرده أبواه إلى بيت المقدس فكان إذا كان في صلاته بكى فيبكي زكريا لبكائه حتى يغمى عليه وتبكي أهل المنازل، ومن كان من العباد حولهما لبكائهما فلم يزل كذلك حتى خرقت دموعه خديه فاتخذت أمه قطعتين من لبد وألصقتهما إلى خديه تستنقع دموعه إذا بكى في القطعتين فتقوم أمه فتعصرهما فكان يحيى إذا نظر إلى دموعه تجري على ذراعي أمه قال: "اللهم هذه دموعي وهذه أمي وأنا عبدك وأنت أرحم الراحمين" أورده المشرف بسنده فيه إلى ابن لهيعة والرازي عن الغافقي.
عيسى -عليه السلام-: جاء في حديث المعراج أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى تلك الليلة حيث ولد عيسى، وهو حديث قوي، وكان عبد اللَّه بن عمرو بن العاص يبعث بزيت يسرج في بيت لحم حيث ولد عيسى -عليه السلام-، وعن هلال بن دنيا قال: دخل عيسى ابن مريم بيت المقدس وبنو إسرائيل يتبايعون فيه فجعل ثوبه مخرقًا وجعل يضربهم به ويفرقهم ويقول: يا بني أولاد الحيوة والأفاعي اتخذتم مساجد اللَّه أسواقًا.
وقيل: لما تم لعيسى ثمانية أيام من يوم ولد ختن على سنة موسى -عليه السلام- وسموه اليشوع، وهربت به أمه إلى مصر، فأقام بها اثنتي عشرة سنة، ثم رجعت به إلى الشام
فلما بلغ ثلاثين سنة جاءه الوحي.
قال القضاعي ويقال: إنه رفع ليلة القدر من جبل بيت المقدس قال وهب: وتوفى اللَّه عيسى -عليه السلام- ثلاث ساعات من النهار حتى رفعه اللَّه تعالى إليه قال: وكانت بيت المقدس حين رفع عيسى للروم، فلما بلغ ملك الروم ما فعل به، وجه فأنزل المصلوب وأخذ جثته أو قال خشبته فأكرمهما، وقتل من بنى إسرائيل قتلًا كثيرًا وأجلاهم من فلسطين ومن هناك كان أصل النصرانية في الروم، واسم هذا الملك قسطنطين وهو الذي بنى قسطنطنية.
وروى صاحب كتاب الأنس بسنده إلى معروف الكرخي، قال: اجتمع اليهود على قتل عيسى ابن مريم عليهما السلام فأهبط اللَّه عليه جبريل -عليه السلام- في باطن جناحه مكتوب: (اللهم إني أعوذ بك الأحد الأعز وأدعوك اللهم باسمك الأحد