في جب فمكثت أمشى حتى انتهيت إلى جنة معروشة فيها من كل شيء فلم ترعني مثل ما فيها من نعيم في مكان قط ولا أظن اللَّه تعالى خلق مثل ما رأيت فلبثت هذه الأيام كلها فيها في نعيم ليس مثله نعيم وفي منظر ليس مثله منظر أو في ريح لم يجد أحد من الناس ريحا قط أطيب منه فبينما أنا كذلك إذ أتاني آت حتى أخذ بيدي فأخرجنى منها إليكم وقد أخذت هاتين الورقتين من سدرها أو من سدرة كنت تحتها
جالسا فبقيتا الورقتان في يدي فأقبل الناس يأخذونها فيجدون لها ريحا لم يجدوا مثله قط لشيء. قال إسحاق فحدثني المصارب بن عبد اللَّه الشامى أن تلك الورقتين كانتا عند الخلفاء في الخزانة قال وأن أبا عبيد فأرسل أبا المخشن والورقتين إلى عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- فلما قص عليه القصة دعا عمر الناس ودعا كعب وقال له يا كعب هل بلغك في شئ من الكتب أن رجلا من هذه الأمة يدخل الجنة ثم يخرج منها قال نعم واللَّه إني لأعرفه بحليته وإنه يخرج بورقتين منها وذلك بعد فتح اللَّه الروم على هذه الأمة قال فانظر في هذا المجلس هل ترى ذلك الرجل قال فنظر وتصفح وجوههم ثم أخذ بيدي أبي المخشن وقال هو هذا. قال فحمد عمر اللَّه كثيرا.
ويقال إن جب الورقة داخل المسجد الأقصى عن يسار الداخل من الباب المقابل للمحراب، وأما وادي جهنم فقد تقدم ذكره في أوائل هذا الباب عند ذكر السور وباب الرحمة. انتهى واللَّه أعلم.