في أول نشأتها، وقولهم: الطمع والترف يؤديان إلى دمار الممالك، وتعطيل المسالك، وقولهم: إن الدول إذا تهممت بالطرف والذخائر وقصرت هممها على الحلى والحلل والفرش الهائلة والمبانى المشيدة دل ذلك على تحلل تركيبها واضمحلال ضخامتها وفناء رونقها وحسنها ونقصان كمالها وآل أمرها إلى الاندثار والدمار، وقولهم: العدل سور لا يغرقه ماء ولا تحرقه نار ولا يهدمه منجنيق وقولهم: عدل قائم، خير من عطاء دائم، وقولهم: لا يكون العمران، حيث لا يعدل السلطان، وقولهم: قيمة العدل ملك الأبد وقيمة الجور ذل الحياة، وقولهم: العدل يسع الخلق والجور يقصر عن واحد، وقولهم: من كثر ظلمه واعتداؤه قرب هلاكه، وقولهم: رأس المملكة وأركانها وثبات أحوال الأمة وبنيانها العدل والإنصاف، وقولهم: الظلم نقيصة لا يألفها إلا كل متوحش جاهل، والعدل فضيلة عظيمة لا يتحلى بها إلا كل متمدن عاقل.

العدل روح به تحيا البلاد كما ... دمارها أبدا بالظلم ينحتم

الظلم شين به التعمير ممتنع ... والعدل زين به التمهيدي ينتظم

وقولهم: إن خير السلاطين من عمل في أمر الرعية بالعدل والإنصاف ولم يقبل بغى بعضهم على بعض، وقولهم الملك لا يتم عزه إلا بالشريعة والقيام لله بطاعته والتصرف تحت أوامره ونواهيه، وقولهم: بالعدل تطول المملكة وتصح الرعية وتكثر العمارة، وقولهم: إذا هم الوالى بالجور وعمل به أدخل الله النقص في أهل مملكته حتى في التجارات والزراعات وفى كل شيء، وإذا هم بالخير أو عمل به أدخل الله البركة على أهل مملكته حتى في التجارات والزراعات وفى كل شيء ويعم البلاد والعباد.

واعلم أن مدار جل هذه الكليات على العدل {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)} [سورة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015