الكسل عن نيل المرام أنامها، فانثنى وهو حميد الوصف، كريم المساعى بما تصعد إليه على شفا ذلك الجرف.
فليكن لى بذمامه عرفان، ولزمام مواخاته ومصافاته طرفان، وبحسب ذلك تعين على من عين التوفية بالجواب، والحر لو دعى إلى طعنة لأجاب، وإلا فما أنا وذاك، وما كان أحقه أن يقال، له في حق نفسي لقد أبعدت مرماك، فقد استسمنت غير سمين، واستمسكت بعرى حبل غير متين، وآويت منه إلى ركن غير حصين.
ولما لم يعفنى مما طلب، وكلفنى فوق الطاقة بما غلب. وعاينت حسن ظنه وجميله، وعين الرضا عن كل عيب كليلة، وأنى لي بعبور ذلك المجاز، وأنا لست بأهل لأن أُجاز، على الحقيقة لا المجاز. تمثلت بقول القائل:
ولست بأهل أن أُجاز وإنما ... قضى الوقت يرقى الدون مرقى الأكابر
وقلت إسعافا لمراده الذي لا يخالف، قد أجزته ولكن على الشرط المألوف المتعارف، إجازة تامة، مطلقة عامة، في كل ما سمعه منى وفى غيره من مسموع ومقروء ومروى مما سمعته وقرأته ورويته عن مشايخى، الذين كان وقف عليهم الاختيار، وقضى بتقدمهم وتقديمهم التمحيص والاختبار، والله يجعلنا وإياه ممن سعد بعلمه، ووسعه من الله سبحانه دائرة حلمه، ويختم على الجميع بالحسنى، ويجعل مآبنا ومثابنا المقر الأسنى.
ولادته: كانت ولادته كما قال هو عن نفسه في فهرسته بفاس القرويين في يوم الخميس لخمس بقين من شهر شعبان سنة ثلاث ومائة وألف.
وفاته: تُوفى بمكناس يوم الجمعة تاسع عشرى جمادى الثَّانية، عام ثمانية وسبعين ومائة وألف، ودفن بضريح أبي العباس أَحْمد بن خضر، عن خمس وسبعين سنة رحم الله الجميع بمنه.