ضيعت عمرك في الفضول ألم تكن ... تزهو ببهجة علمك الأمصار
ما كان خصك حين كنت بمجلس ... ترتاده الأسماع والأبصار
وترى محاسنك التي لم تحتمل ... إحصاءها الأفواه والأسطار
غرتك بالمألوف بارقة المنى ... حتَّى قضيت وما انقضت أوطار
ولطالما قطعتك عنا غيبة ... في غير شيء كانت الأسفار
فإذا تراءتك العلوم استرجعت ... وتراجعت من صفوفها الأكدار
لله ما حملته في شقة ... شقت لها الأطواق والأزرار
راعيت ذمة من خدمت ولم يكن ... يرعى الذي تختار ما يختار
نظرت لك الآمال شزرا منهم ... وعداك منها الجهر والإسرار
قصرت لديهم عنك كل شفاعة ... وتباعد التقريب والإيثار
ولكم شفعت وما انتفعت بشافع ... ما هكذا تتكافأ الأحرار
أولى فأولى أن يقال وللعلى ... تتطاول الأشباه والأنظار
إن يقتلوك فإن قتلك لم يكن ... عارا عليك ورب قتل عار
إن يقتلوك أخي فتلك شهادة ... شهدت بصادق وعدها الآثار
هب أنهم عدوا لمثلك زلة ... أفلا يقال لمن يحب عثار
ما ضرهم فيما أتوا لو أنهم ... منوا ولو قبلوا بدت أعذار
لكن مقالة حاسديه أَوجبت ... ما كان لا البينات والإقرار
بشر مباشرة بقول لم يزل ... يسمو بشهرته لذاك منار:
(شلت يمينك إن قتلت لمسلما ... حلت عليك) بمن قتلت النار