والزاويتان معا من بناء أمير المسلمين أبى الحسن المرينى، جدد الله تعالى عليه رحمته بفضله، إلا أن الأولى بناها في دولة أبيه، والثانية بناها بعد استقلاله بالدولة.
ثم قال ابن الخطيب: وبداخلها مدارس ثلاث لبث العلم كلفت بها الملوك الجلة الهمم، وأخذها التنجيد، فجاءت فائقة الحسن: ما شئت من أبواب نحاسية وبرك فياضة تقذف فيها صافى الماء أعناق أسدية وفيها خزائن الكتب والجراية الدارة على العلماء والمتعلمين (?).
وتفضل هذه المدينة كثيرا من لداتها بصحة الهواء وتبحر أصناف الفواكه، وتعمير الخزين، ومداومة البر لجوار ترابها سليما من الفساد، معافى من العفن، إذ تقدم ساحات منازلها غالبا على أطباق الآلاف من الأقوات تتناقلها المواريث، ويصحبها التعمير وتتجافى عنها الأرض، ومحاسن هذه البلدة المباركة جمة قال ابن عبدون من أهلها ولله دره:
إن تفتخر فاس بما في طيها ... وبأنها في زيها حسناء
يكفيك من مكناسة أرجاؤها ... والأطيبان هواؤها والماء (?)
ويسامتها شرقا جبل زرهون، المنبجس العيون، الظاهر البركة المتزاحم العمران الكثير الزياتين والأشجار، قد جلله الله شكرًا ورزقا حسنًا فهو عنصر الخير ومادة المجبى وفى المدينة دور نبيهة، وبنى أصيلة، والله تعالى ولى من اشتملت ليه بقدرته.
وفيها أقول:
بالحسن من مكناسة الزيتون ... قد صح عذر الناظر المفتون