مقر الأوساخ والأزبال، كما أخنى على المسجد المشار له في العقد السابق ولعب به شوطا في أدوار الامتهان، بعد العزة ورفعه الشان، إلى أن مزق مجتمعه أيدي سبا فصار بعضه مربضا للغنم المعدة لتموين البلد وبعضه جرنة (محلا لذبح المواشي) ثم صار محل المربض من جملة روض لبعض عظماء الموظفين، وذلك الروض هو الواقع في الجهة الغربية من بطحاء الهديم المذكور المتصل بباب رواغة الشهير ذلك الروض هو الذي صار اليوم مكتبا اقتصاديا للدولة الحامية بالعاصمة المكناسية وأما الجرنة فقد صارت دكانا لبيع السلع.

ومن التأسيسات والآثار الخالدة التالدة الواقعة في دولة جلالة سلطاننا الأعظم أيضا القيسارية الجديدة المعدة لبيع أنواع البز الواقعة خارج باب بريمة المجاورة لسوق البز القديم المستندة على سوق السلالين، وقد كان موقعها قبل فندقا معدًّا لبيع الفحم وربط الدواب.

ومن أعظمها وأفخرها تأسيس المدينة الجديدة الكائنة بأرض غابة الزيتون المعروفة بحمرية، التي كان أنشأها سيدنا الجد الأعظم مولانا إسماعيل برد الله ثراه، وحبسها على الحرمين الشريفين مكة والمدينة حسبما مرت الإشارة إليه، وكان الشروع في تسطير طرقها في شهر غشت سنة ست عشرة وتسعمائة وألف مسيحية، وصدر الأمر العالي بتعويض أرضها معاوضة نقدية لمن يريد البناء بها من الأجانب والأهالي عام خمسة وثلاثين وثلاثمائة وألف موافقة شهر جوليت سنة سبع عشرة وتسعمائة وألف، وشرع في البناء بالفعل في محرم فاتح سنة ست وثلاثين وثلاثمائة وألف، وكان ثمن المتر المربع إذ ذاك فرنكا واحداً وخمسا وسبعين سنتيما.

ولما كثرت الرغبة وتهافت الأجانب والأهالى على الشراء ولاحت لوائح الاستعمار، بلغ ثمن المتر المربع سبعين فرنكا، ولا يسوغ لمشتر أيا كان أن يترك شراه بدون بناء فوق سنتين، ومثل ترك البناء أصلا بناء ما لا يبلغ صائره خمسة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015