وقعد وحضر بنفسه وأحضر مهرة المعدلين العارفين بأدلة القبلة من فاس ومراكش ومكناس، فأداهم اجتهادهم إلى أن الأصوب هو جعل المحراب بالمحل الذى أشار به ميقاتى مكناسة المذكور، وأنه لاَ وجه لرده للجهة الجنوبية التي كان بها قبل لقيام الأدلة على خطأ الواضع الأول، فأمر السلطان حينا بإمضاء ما قالوا وبسببه انحسمت مادة النزاع.
ومن تأسيسات هذا السلطان قصبة أهل تولال -بضم التاء وسكون الواو وفتح اللام المشبعة- وتولال اسم لواد من أودية صحراء تافلالت كان نقلهم السلطان المقدس مولانا عبد الرحمن بن هشام بن بلادهم لتمردهم وأنزلهم بنواحى فاس قرب دار دبيبغ، وجعلهم تحت نظر باشا الوقت بباب الدار العالية بالله ثمة وهو القائد فرجى الشهير، ثم نقلهم نجله السلطان سيدى محمد من فاس إلى نواحى مكناس وذلك عام اثنين وثمانين ومائتين وألف، وأدرجهم في جملة الجيش البخارى، وكانت سكناهم إذ ذاك في الخيام.
ثم في دولة نجله السلطان مولاى الحسن أنشأ لهم القصبة المذكورة التي هى مستقرهم الآن، وموقع هذه القصبة غربا من المدينة، وقد أحدثت بها اليوم عدة دور ومسجد للصلاة.
ومنها قصبة الحاجب الشهيرة ببلاد بنى مطير على اثنين وثلاثين كيلو مترا من المدينة، وهذه القصبة هى التي صارت اليوم محلا لإدارة الأحكام الإدارية ومتعلقاتها.
ومنها المسجد الذى أنشأه بالساحة المقابلة للمزارة السفلى للضريح الإدريسى الأكبر التي كانت مستقرا للأوساخ والقذرات، ومحلا لذبح ما يهدى لضريح ذلك الإمام العظيم ليفرق، وعلى أبناء صاحبه وعلى من انتظم في سلكهم من المقيمين بذلك الضريح الأقدس من الإنعام، وكان تأسيسه لهذا المسجد ولدار الذبائح المذكورة خارجه عام ثلاثة وثلاثمائة وألف، وفى هذا التاريخ أو قبله بيسير أنشأ