الله خديم حضرتكم الباذل جهده في مرضاة الله ورسوله ثم مرضاتكم، المتوكل في كل أموره على الله وعليكم الموضوع اسمه بالخاتم، النائب عنكم بما قدر من جهاد العدو القائم، في 1 ربيع الثانى سنة 1260" هـ من أصله الفتوغرافى الموجود بالمكتبة العمومية للحكومة بالرباط.
ولما دخلت هذه السنة التي هى سنة ستين، كان قد تم استيلاء فرنسا على سائر شمال المغرب الأوسط، اضطر الأمير عبد القادر المذكور للدخول لحدود المغرب الأقصى، فنزل بعين القصب فاقتفت أثره ووقفت جنودها وراء نهر تافنة، وجعلت تبنى قصبة في الغزوات على شاطئ البحر لتقرب منها مراكبها وتنزل إليها عساكرها، وقصبة أخرى على وادى الحاجة مغنية، فكثر العيث بأعمال وجدة وملحقاتها، وعمد بعض الحامية الفرنسية النازلين ببنى واسين وكانوا تابعين لأعمال وجدة، وكانت تربة المرأة الصالحة مغنية، معتقدة من بنى واسين، فأهانوا قبتها بما قام له بنو واسين، وقعدوا وصدر منهم ضد الحامية ما جسم المسألة، وكدر صفو المسلم بين الإيالتين، وأوجب إلحاح سفير فرنسا بطنجة على المترجم في طلب الترضية.
وفى أثناء المخابرة وجه المترجم جيشا في نحو ثلاثة آلاف بين خيل ورماة تحت رياسة كاتبه على بن الطيب الأجناوي، وأمره أن لا يفاتح بقتال حتى يصدر إليه الأمر، ثم لما وصل الكاتب لوجدة فتح باب المخابرة مع رئيس الحملة الفرنسية، ولم يشعر حتى ابتدأ المسلمون بقتال جيش الحملة، ولما رأى رئيسها ذلك أمر عسكره بالكمون للمسلمين بعريش الوادى، ثم أحدقوا بهم وقتلوا منهم نحو الثمانين، فرجع الجيش السلطانى لوجدة، ثم نهض لعيون سيدى ملوك، ودخلت الحملة الفرنسية لوجدة فوجدتها خالية فباتت بها ليلة واحدة أعدمت ما كان بها من بارود ورصاص، ثم بارحتها من غير أن تحدث بها أدنى حدث.