ثم استعطف السلطان في الإذن له في أداء فريضة الحج فأذن له، ولما قضى مناسكه ورجع استأنف له صاحب الترجمة الولاية على إخوانه فلم يقبلوه، ثم سجن ثم سرح، وتقلبت به الأحوال وتأخرت وفاته إلى أوائل شوال من سنة ثلاث وتسعين ومائتين وألف، وقد كان ذا قساوة وشكاسة غليظ الحجاب، طويل النقاب، لا يبالى بما وراء الباب.
وفى وقعة الزاوية الشرادية المشار لها يقول الفقيه الأديب السيد محمد بن الحسن أقصبى:
مبين الفتح بالتيسير لاحا ... وبالنصر العزيز غدا وراحا
وسار في البلاد كسير شمس ... وفاق المسك نشرا حيث فاحا
فحق لنا الهناء ولا كيوم ... من الشرادى الغرب استراحا
وكيف وفى اسمه الشر ابتداء ... وحيث الشر ينفى لا جناحا
فما المهدى بمهدى لرشد ... ولكن سبه شرعا أباحا
أضل فريقه عن نهج حق ... فراموا من أميرهم الكفاحا
غرورا بالمضل فاحتواهم ... خميس منهم ساءوا صباحا
فحكم فيهم الآلات ضربا ... ورميا والد ما منهم أباحا
وصار منهم أسرى وقتلى ... وأعمل في رءوسهم الرماحا
وجاد بالجسوم على وحوش ... يعودها بما منه السماحا
وخرب دورهم وهو ارتداع ... لكل مفسد يأبى الصلاحا
فلا جمع الإله لهم شتاتا ... ولا نالوا بفسقهم رباحا
فمن لم يشكر النعماء يجزى ... بمنع غيره نال الفلاحا