بقصر كتامة، وبه اجتمعت عليه الجيوش من أعمال مراكش، فرحل إلى الرباط وبه أقام مناسك عيد الأضحى، ورجع إلى فاس أَوائل رجب سنة 1239 تسع وثلاثين ومائتين وألف، فأمر بشراء الأملاك التي بين قبة المولى إدريس وسوق البزازين، فهدمت وزادها في سعة مسجد الشرفاء.
ثم أمر بسنة الختان لأولاد الغرباء والضعفاء والأيتام من الحواضر والبوادى، وكان اختتان من ذكر بضريح الشيخ أبي الحسن على بن أبي غالب، وأمر أمناءه بإعطاء جميع من ختن، قميصا من كتان ودراهم، ثم وصل ضعفاء فاس بمال جزيل وكان توزيعه على يد مقدمى الحومات، فخان أولئك المقدمون، واستبدوا بنحو النصف لأنفسهم. قاله في عقد الجمان.
وفى هذه الأثناء خرج للعاصمة المكناسية وكانت تعجبه، فرأى من تلاشى الجيش البخاري بها ما أهمه، ولم يزل يعالج أمره حتَّى أنعشه وأمده بالخيل والسلاح، ورتب له الرواتب الشهرية ثلاثون أوقية للفارس ونصفها للراجل وثلثها للشويردات -أبناء الجيش الذين لم يبلغوا الحلم- وربعها للمسنين الذين تقاعدوا عن الخدمة، وثمنها للصبيان.
وقرر أن يسقط راتب من مات ممن ذكر، فإن وجد من يخلف الهالك يعين في محله، وإلا فيبقى المرتب بيد ورثة الهالك إلى أن يوجد من يخلفه.
أما إذا مات فرس فيجمع المرتب المعين له إلى أن يجتمع ما يعوض به فيشترى فرس آخر بدله، ولا بد من الإشهاد بالعدول على عين الفرس الَّذي مات ووصفه وصفا مدققا، ويكتب ذلك في كناش ليقابل بكناش إحصاء الخيل بأوصافها الخاصة.
ينبئك عن كبير الاعتناء والتدقيق الَّذي كان جاريا في أمور الخيل وأنسابها وأسمائها وأوصافها في دولتنا العلوية، ما كتب به ولد صاحب الترجمة سيدى