وجوهه من مدخولها حتى استسلف لها بأمر المخزن، ولم يوجد ما يرد منه السلف لكون الأعشار التي كانت منفذة لها إنما هى أعشار بعض العامة، وهم المقيمون بالزاوية والمجاورون لها وبقية الزراهنة كانت تدفع أعشارها بمكناس، وأما الشرفاء فقد كانت الملوك تسوغ لهم دفع أعشارهم لضعفائهم وتكل ذلك لأمانتهم، فلما رأى ذلك كثير من العامة تسارعوا لادعاء النسب النبوي الطاهر وفتحوا الطريق لتمشية ذلك وقبوله منهم وتأييد دعاويهم الباطلة ببذل المال لأولي الأمر، فآل ذلك إلى الإجحاف بدار الزاوية وإلى غلقها بالكلية كما تقدم، وهكذا عاقبة كل أمر أسند إلى غير أهله.

ثم لما رأى ذلك متأخرو الولاة والنظار اختصروا خارجها حتى ردوه لنحو خمس الخارج قبل، وصار لا يعطى منه إلا للمقيمات بدار الزاوية المذكورة مع طلبة المدرسة والقليل من المساكين المقيمين بدار الأضياف، ويدفع قليل منه لبعض محتاجي الشرفاء الساكنين بالزاوية، ثم لما أحدث الترتيب وقطع المخزن النظر عن التداخل في الزكاة لم يبق لدار الزاوية داخل إلا من بعض الأصول المحبسة عليها وخراجها يضعف عن القيام بخارجها، فكان المخزن بعد اختياره لذلك صار يؤدي لها مما يجيبه من الضرائب كل سنة خمسة عشر ألف بسيطة لتتميم الخارج اللازم لها، وكانت صورة الطعام المستعمل فيها في سائر الظروف المتقدمة أن القمح يطحن ثم تزال نخالته القوية بالغربال، وما عدا ذلك يستعمل منه الخبز والكسكوسون من غير تصفية، بل الغالب أن لبابه يستولي عليه نصف الخبزة السوقية وهو الذي يفرق على من عدا طلبة المدرسة ونوع فوقه، وهو الذي يدفع للطلبة.

ثم لما حسنت حالة الأحباس وتوفرت مادة ماليتها في الأقطار المغربية على يد المخزن حيث جعل لها وزارة خاصة تحت نظرها نظار ومراقبون، وعظم وفر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015