كما أن حالة مناسج الطرازين قد صارت سيئة لما تولى الحسبة الفقيه السيد الطيب الريحانى، وكان المحتسب في فاس هو الذى يلى البحث في مناسج الطرازين والحرارين ويمنع من يحدث دخولا أو فراغا في المنسج أو نقصا في الحائك، فلما ولى الريحانى غفل عن البحث في ذلك، فأحدث الحرارون الفراغ في المناسج وجعلوا مكان الكثيرة النشا من الدقيق.
وأحدث الطرازون الدخول في المناسج، وجعلوا يصنعون الذراعين الذين يليان الطرفين معقودين ومن أنفاس القيام حلاوة وبياضا ورطوبة ويزدون حال النسج على الطرفين لتمكن الصحة فيها، ويجعلون وسط الثوب فارغا والسدا خشينا أحرش أسود، فإذا نسج الحايك تجد طرفه في غاية الحسن حلاوة وصحة ورطوبة وبياضا ووسطه مثل الشبكة.
وكان الحجاج يشترون تلك الثياب ويبيعونها في طرقهم إلى طرابلس وفى أعمالها، ويحملون الدراهم والدنانير ويشترون بها ما يتقوتون به في الطريق، فظهر النحاس في طرابلس في الدنانير والدراهم العام بعد العام، وصارت الثياب تتقطع من وسطها فشكا عامة الناس ما نزل بهم إلى التركى والى طرابلس وأعمالها فأراد القبض على الحجاج، فكلمه في ذلك بعض فقهاء طرابلس وقال له: الحجاج لم يصنعوا الثياب بأيديهم، وإنما اشتروها ممن صنعها والدراهم والدنانير المتنحسة ليس هم الذين ضربوها، وإنما قبضوها في أمتعتهم، فأعلم سلطانهم بذلك، فترك الحجاج وكتب رسالة تضمنت خبر ذلك إلى صاحب الترجمة.
ولما دفع له شيخ الركب الرسالة التي وجه له بها صاحب طرابلس وأعمالها بما وقع للحجاج بطرابلس، قرأ الرسالة وبعث بها إلى أهل مدينة فاس، فاجتمع أهل فاس وقرءوها وقص عليهم الخبر الحجاج، فقال لهم بعض من له الرأى من