حاله: كان في أول أمره قاطنا بحانوت حجام قرب سيدى عمرو بوعوادة من حومة حمام الحرة يتكلم بكلام كالمخاطب لشخص، وهو يقصد غيره، يرى في بعض الأحيان كالأسد لا يقدر أحد أن يكلمه، وكانت تفد لزيارته الوفود من الحواضر والبوادى، وكان ذا أحوال ومكاشفات ولا يتكلم إلا باللسان البربرى، وقل ما يؤمه أحد وفى نفسه حاجة إلا وكاشفه بمراده وما يئول إليه أمره تصريحا.
وحكى عنه صاحب سلوك الطريق حكايات من هذا الباب وقعت له معه أعرب له فيها عما في ضميره، وحكى أن الحاجب ابن الرضى المراكشى جاءه وقد كان سلطان الوقت مرض مرضا مخوفا، فقال له: يا سيدى إن السلطان مريض وإنا نخاف عليه الموت، فقال له لا تخف إلا على نفسك، فكان من قضاء الله وقدره أن السلطان برئ وقتل الحاجب المذكور، بعد أن عظم مكانه عنده.
وحكى أن بعض أهل مكناسة عزم على الحج فقال لولده: اشتر خبزة ولحما واذهب لسيدى الحسن واسمع منه ما يقول في شأن الحج، ففعل الولد، فجعل سيدى الحسن يقول: يذهب للحج يذهب للحج من يأخذه عزرائيل، قال: فكرهت أن أقول ذلك لأبي وقلت تكلم بالبربرية فلم أفهمه فيما سافر الركب حتَّى كان الوالد في قبره ويتحدث الناس عنه من هذا النوع بكل غريب باهر.
وفاته: توفى سنة خمس وسبعين ومائة وألف، ودفن ترب ضريح سيدى عمرو بوعوادة، وبنى عليه مقام ومسجد وصارت له عمارة أكثر من عمارة سيدى عمرو المذكور.