ولهذا يقول الأصوليون النصارى: إن "شارل مان" يعتبر بلا جدال واحدًا من أعظم الشخصيات في تاريخ كل من الكنيسة والعالم، وقد وجدت في أوربا صور عديدة من "شارل مان" هذا عاثت في الأرض فسادا، سفكت الدماء وانتهكت الأعراض وأكرهت الناس على موافقتهم في النحلة، أما في الحروب الصليبية فإن الباباوات استطاعوا بخبثهم ودهائهم أن يجعلوا من الحكماء والشعوب الأوروبية أصوليين، يتحدثون جميعًا باسم الإنجيل وتعاليمه.

وقد بدأت هذه الدعوات الأصولية بنداء أطلقه البابا "أربان" الثاني، بتحريض من بطرس الناسك في سنة تسعمائة وخمسة وتسعين إلى حكام أوربا وشعوبها؛ بالكف عن الحروب المحلية والخروج بدلًا من ذلك لمحاربة العالم الإسلامي، والاستيلاء على خيراته، وأعلن أن المسلمين كفرة تستباح دماؤهم، ودعا إلى تخليص القبر المقدس من أيديهم، ووعد بغفران الخطايا لقتلى تلك المعارك بمقتضى التفويض الرباني الممنوح له.

وتحكي المصادر التاريخية الإسلامية وغير الإسلامية بشاعة وهول تلك الحملات الصليبية، التي كان رجالها يصيحون بأنهم رسل المسيح وجنوده، فتذكر أن الصليبيين قتلوا نحو سبعين ألفا من سكان بيت المقدس المسلمين، ومعظمهم من النساء والأطفال والعجزة والعزل من السلاح، بل وكان من أحب ضروب اللهو إليهم قتل من يلاقون من الأطفال وتقطيعهم إربًا إربًا، وشيهم كما روت "آن كومنين" بنت قيصر الروم.

يقول "غوستاف لوبون": "ونرى في كل صفحة من الكتب التي ألفها مؤرخو النصارى في ذلك الزمن براهين على توحش الصليبيين. ويكفي لبيان ذلك أن ننقل الخبر الآتي الذي رواه الشاهد المؤرخ الراهب التقي "روبرت" قال: وكان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015