وقد لاقت هذه الحركة ترحيبًا واسعًا بين اليهود، باعتبار أنها قسمت أعداء اليهود، لكن أتباع "مارتن لوثر" هاجموا اليهود بسبب إعلانهم أن التلمود يعطي تفسيرًا أفضل من تفسير "لوثر" للكتاب المقدس، ورفضهم الدعوة للعودة إلى المسيحية، فقام اللوثريون بطرد اليهود من المدن الألمانية والإنجليزية، وواصلوا العمليات التبشيرية بين اليهود، وفي الوقت نفسه كانوا يؤسسون لأطروحة استرجاع اليهود إلى فلسطين؛ إعدادا للخلاص اليهودي ثم الخلاص اللاهوتي.

واعتبرت المسيحية التقليدية أن ما ورد في العهد القديم إنما هو أحداث وقعت في الماضي، أو نبوءات تم تحققها، وأن ما جاء في العهد الجديد هو ثورة على العهد القديم، وفقًا لما جاء في إنجيل يوحنا: لو كنتم أبناء إبراهيم لعملتم أعمال إبراهيم، ورأت أن كل القصص التي رواها العهد القديم هي رموز لحالات روحية وأخلاقية، كما تؤمن المسيحية التقليدية بأن إبراهيم -عليه السلام- عندما أخذ الوعد من الله بالأرض لم يفهمه على أنه تصريح له من الله بسرقة الأرض من مالكها، حتى لو كانت الأرض هبة من الله فهي مشروطة بطاعة الواهب، كما ترى أيضًا أن العهد مرتبط بتحقيق وصايا الله وطاعته، وليس رفض حكمه، وأن أرض الميعاد الحقيقية عند المسيح هي الأرض كلها وكل أرض يتحقق فيها وعد الله.

وهذا هو رأي المسيحية التقليدية الذي تخالف فيه الأصولية الإنجيلية، لكن هذه العقيدة -عقيدة الأصولية الإنجيلية- بعثت من جديد في القرن السادس عشر، وصارت فكرة محورية في عقول وإيمان معظم الكنائس البروتستنتية، شكلت مسألة عودة المسيح الثانية أبرز تجليات هذه العقيدة، أما اليهود في هذه العقيدة فهم يشكلون محورها وبشارتها، وهم شعب الله المختار القديم والذي يفترض تواصله في الماضي والحاضر والمستقبل، وأن أرض فلسطين هي أرض اليهود

طور بواسطة نورين ميديا © 2015