بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الحادي والعشرون
(الأصولية الإنجيلية)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وخاتم النبيين، سيدنا محمد النبي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
الأصولية الإنجيلية:
الأصولية حركة فكرية بروتستانتية ظهرت في الغرب في القرن التاسع عشر الميلادي، بعد مؤتمر "نياجرا" عام 1895؛ لتحيي من جديد أفكار أصحاب عقيدة المجيء الثاني للمسيح، مجيئًا حقيقيًّا حرفيًّا. قد ظهرت لهؤلاء كتيبات بعنوان (الأصوليات) دعوا فيها إلى التمسك بالتعاليم الدينية القديمة، كما دعوا إلى القول بألوهية المسيح وعصمة الكتاب المقدس عن الخطأ، ووجوب الأخذ به حرفيًّا وولادته -عليه الصلاة والسلام- من مريم، كما دعوا إلى الفدية عن الأعمال المنكرة، ودعوا إلى الإيمان بقيامة المسيح من بين الأموات بجسمه وعودة تجسده ثانيًا، بالإضافة إلى رفض كل النظريات العلمية الحديثة في علم اللاهوت، وكذلك الدراسات التي تنتقضه أو تناقض ما فيه، ولذلك عرفت بمذهب العصمة الحرفية، كما ترفض الأصولية فكرة الفصل بين الدين والدولة، مما أدى إلى زيادة اهتمامها بالجانب السياسي والسعي إلى تكوين الأحزاب السياسية؛ للوصول إلى السلطة بغية سن القوانين والشرائع المؤيدة لمذهبهم.
ويمكن أيضًا إضافة اعتقادهم بالنبوءات الإنجيلية التي تقود -حسب اعتقادهم- إلى استيلاء اليهود على فلسطين والقدس، شرطا للعودة الثانية للمسيح، وبذلك تتعارض الأصولية مع الليبرالية أو الحداثة التي تسعى إلى قراءة النص وتفسيره على حسب الواقع، وللأصولية في الغرب تنظيماتها ومؤسساتها ووسائل إعلامها القوية التي تدعو إلى مبادئها. ومن أشهر مؤتمراتها ما عقد في سنة 1985 في مدينة "بال" بسويسرا، وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية المركز الرئيس للاتجاهات الأصولية الإنجيلية.