فالدين لم يكن يعطي مفاهيم الشعب الكاملة؛ لذا فإنه من غير المنطقي الإقرار بأن اليهود شعب، لكنهم عبارة عن جماعات اعتنقت اليهودية، وانحدرت من شعوب أصول مختلفة، منهم السفرديم، وهم اليهود ذوو الأصول الشرقية كيهود المغرب، والعراق، واليمن، وإيران، ويهود فلسطين نفسها. وكذلك منهم الأشكناز وهم ذوو الأصول الأوروبية كالبولنديين، والروس، والنمساويين، وغيرهم ممن يدخل تصنيفهم في الفترة الحالية، ومنهم آخرين.

قد رأت الصهيونية أن بإمكانها أن تخلق تجانسًا من هذه الفصائل المختلفة حتى في العقائد؛ لتكوين جماعة واحدة يمكنها فيما بعدُ أن تطلق عليهم شعبًا، وإن كان ذا أصول مختلفة وأعراق متعددة، حتى إن بعضه دخيل على اليهود، وما الأشكناز إلا أعراق غير يهودية عبرانية قد اعتنقت الديانة اليهودية في أوائل القرن الحادي عشر الميلادي، أي: قبل تسعمائة سنة تقريبًا، ولهذا فإن أفكار قادة الصهيونية آنذاك كانت منصبة على تحقيق هذه الوحدة، والعودة إلى اليهودية بأي طريقة ووسيلة، فبهذا يحققوا هدفهم مستفيدين من مبدئهم القائم على أن الغاية تبرر الوسيلة، وقد استمر الصهاينة في استعمال هذه القاعدة في جميع أعمالهم خلال مسيرة الصهيونية حتى يومنا هذا لتحقيق ما يهدفون إليه.

مراحل الحركة الصهيونية

فقد مرت الحركة الصهيونية في تاريخها بمراحل ثلاث:

أولها: المرحلة التمهيدية، ثم مرحلة مؤتمر بازل في سويسرا، ثم مرحلة ما بعد مؤتمر بازل.

ونبدأ بالحديث عن المرحلة الأولى وهي مرحلة ما قبل مؤتمر بازل، وتتمثل بظهور مفكرين وأدباء يهود ساهموا بكتاباتهم في إنضاج فكر هذه الحركة، ولقد ظهرت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015