رابعًا: يسير العمل التبشيري في البلاد التي تتمتع باستقلالها وحريتها مستخدمًا أسلوب الدهاء والمكر، وذلك باستخدام تلاميذ المبشرين والمستشرقين من الوطنيين حتى لا يصطدموا بقوانين البلاد، فيكرهوا على الرحيل الفوري.

خامسًا: استعان التبشير بالقوى العسكرية الاستعمارية ليقوم بمهماته وهو آمن على نفسه، واستعان بأفكار ومؤلفات المستشرقين، قد نجح التبشير والاستشراق والاستعمار في كثير من البلاد الإسلامية بتربية أجيال متعاقبة لا تفقه الإسلام، ولا تحفظ من القرآن إلا آيات معدودات؛ لذلك كان من اليسير جدًّا غزو هذا الجيل غزوًا فكريًّا واسعًا.

لم يكن المبشرون ولا معظم المستشرقين يومًا يُنصفون الحقيقة العلمية، فللعلم كانت أبحاثهم موسومة بصورة واضحة من أسس عقائدهم ومقاصدهم الخبيثة، وقد سلك المبشرون -كما يقول- والمستشرقون معهم كل مسلك ظنوه محققًا لأهدافهم، واستطاعوا أن يتسللوا إلى المجمع اللغوي بمصر، والمجمع العلمي بمصر، والمجمع العلمي ببغداد، كما تدخلوا بتأييد من الاستعمار في مجال التربية والتعليم محاولين غرس مبادئ التربية الغربية في نفوس المسلمين، ونجحوا في هذا إلى حد كبير.

ويعمل المستشرقون وفق خطة مدروسة، إذ يجتمعون في هيئة مؤتمرات بين الحين والحين، وكذلك يعمل المبشرون. وإذا كان الاستشراق والتبشير قد قام على أكتاف الرهبان والآباء في أول الأمر، ثم اتصل من بعد ذلك بمستعمرين؛ فإنه لا يزال حتى اليوم يعتمد على أولئك، وإن تظاهروا برسالتهم الدينية والخيرية فإنهم يقظون دائما، يحدقون بعيونهم، ويصيخون بآذانهم إلى مختلف الأوساط لمعرفة كل الاتجاهات؛ حتى يستطيعوا أن يذللوا أي عقبة تعترض سبيل نشاطهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015