والتكفير له". مقصود ابن تيمية أنه لا يلزم أنه إذا كفر شخصًا بفعل، أن يكفر كل من فعل فعله إلا إذا توفر الشرط، ومن تخريجات الأئمة لكلام الإمام الشافعي ما قاله الإمام البغوي -رحمه الله-: "وأجاز الشافعي شهادة أهل البدع والصلاة خلفهم مع الكراهية على الإطلاق" فهذا القول منه يعني تكفير حفص الفرد، دليل على أنه إن أطلق على بعضهم اسم الكفر في موضع أراد به كفرًا دون كفر.

وقال البيهقي -رحمه الله: "وكل من لم يقل من أصحابنا بتكفير أهل الأهواء من أهل القبلة؛ فإنه يحمل قول السلف -رضي الله عنهم- في تكفيرهم على كفر دون كفر" كما روى ابن عباس -رضي الله عنه- في قوله -عز وجل-: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} يعني: كفرًا دون كفر. وقال ابن تيمية -رحمه الله: "بُيِّن لنا أن هذا القول كفر ولم يحكم بردة حفص لمجرد ذلك؛ لأنه لم يتبين له الحجة التي يكفر بها، ولو اعتقد أنه مرتد لسعى في قتله، قد صرح في كتبه بقبول شهادة أهل الأهواء والصلاة خلفهم".

ونقل النووي قول الشافعي -رحمه الله تعالى: "أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم"، ثم علق عليه بقوله: "ولم يزل السلف والخلف يرون الصلاة وراء المعتزلة ونحوهم ومناكحتهم وموارثتهم، وإجراء سائر الأحكام عليهم"، قد تأول الإمام الحافظ الفقيه أبو بكر البيهقي وغيره من أصحابنا المحققين ما نُقل عن الشافعي وغيره من العلماء من تكفير القائل بخلق القرآن، على أن المراد كفران النعمة لا كفران الخروج عن الملة، وحملهم على هذا التأويل ما ذكرته من إجراء أحكام الإسلام عليهم، وقال الإمام الذهبي -رحمه الله: "هذا دال على مذهب أبي عبد الله -يعني: الشافعي- أن الخطأ في الأصول ليس كالخطأ في الاجتهاد في الفروع، فهؤلاء أئمة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015