كما حدث مثلًا في بولندا والمجر وتشيكسلوفاكيا، كما أنك لا تكاد تجد دولتين شيوعيتين في وئام دائم، أما في العالم الإسلامي فقد استفاد الشيوعيون من جهل بعض الحكام، وحرصهم على تدعيم كراسيهم ولو على حساب الدين، إذ اكتسحت الشيوعية أفغانستان وشردت شعبها المسلم، كما تحكمت في بعض الدول الإسلامية الأخرى بواسطة عملائها، فهي تقوم بتوزيع ملايين الكتيبات والنشرات مجانًا في جميع أنحاء العالم داعية إلى مذهبها. وقد أسست الشيوعية أحزابًا لها في كل الدول العربية والإسلامية تقريبًا، فنجد لها أحزابًا في مصر في سوريا في لبنان وفي فلسطين وفي الأردن وفي تونس وغيرها، وقد انهارت الشيوعية في معاقلها بعد قرابة السبعين عامًا من قيام الحكم الشيوعي، وبعد أربعين عامًا من تطبيق أفكارها في أوروبا الشرقية.
وأعلن كبار المسئولين في الاتحاد السوفيتي قبل تفككه أن الكثير من المبادئ الماركسية لم تعد صالحة للبقاء، وليس بمقدورها أن تواجه مشكلات العصر ومتطلباته، مما تسبب في تخلف البلدان التي تطبق هذا النظام عن مثيلاتها الرأسمالية، وهكذا يتراجع دعاة الفكر المادي الشيوعي عن تطبيقه، قد اقتنع الجميع بأنها نظرية فاسدة يستحيل تطبيقها؛ إذ تحمل في ذاتها بذور فنائها، وقد ظهر لمن مارسوها عدم واقعيتها وعدم إمكانية تطبيقها، وتبين بعد انهيارها أنها لم تفلح في القضاء على القوميات المتنافرة، بل زادتها اشتعالًا ولم تسمح بقدر -حتى ولو ضئيل- من الحرية، بل عمدت دائمًا إلى سياسة الظلم والقمع والنفي والقتل، وحولت أتباعها إلى قطيع من البشر، وهكذا باءت جميع نبوءات "كارل ماركس" بالفشل، وأصبح مصير النظرية إلى مزبلة التاريخ، ثم انتهى الأمر بتفكك الاتحاد السوفيتي ذاته وأصبح اسمه مجرد أثر في تاريخ المذاهب الهدامة.
وصلى اللهم وسلم على سيدنا محمد النبي الأمين وعلى آله وصحبه وسلم.