فيما لا ينبغي للبشر سلوكه، فالناس كلهم عبيد لله في الإسلام، والمال مال الله، والرزق بيد الله يؤتيه من يشاء، لا يؤخره حرص حريص ولا ترده كراهية كاره.
فالملكية الفردية حق اقتضته الفطرة واقتضته الضرورة لصلاح الأحوال، وعلى الجميع أن يعضد بعضهم بعضًا بالتي هي أحسن، فلا صراع ولا بغي ولا عدوان، ولم يجعل الإسلام للشخص مطلق الحرية في أمواله ينفقها بإسراف أو يمسكها كما يحلو له، بل هو محاسب عليها ومسئول عنها، وعليه حقوق فيها يجب أن يؤديها، وإذا كان في الأغنياء من طغى وتجبر فهؤلاء لهم ما كسبوا وعليهم ما اكتسبوا وسينالون جزاءهم، ولا يبرر فعلهم هذا أن نحارب الملكية الفردية، أو نقيم الصراع الطبقي بين الناس وبين المجتمعات، فإن في أولئك التجار والأغنياء من اتصف بالعطف والتسامح ومساعدة المحتاجين دون منة ولا أذى، والحكم على طبقة الأغنياء كلها بأنهم احتكاريون وانتهازيون، وأنهم هم العقبة الكئود في طريق غنى الفقراء وارتفاع معيشتهم، إن هي إلا خرافات سخيفة وأوهام باطلة، وقد دلت التجارب الشيوعية على فشل هذه الفكرة الخاطئة، حين أفقرت الأغنياء وأتعست الفقراء وملأت القلوب حقدًا وغضبًا، وأتعست الحالة الاقتصادية ونشبت الصراع الطبقي على أشده دون رحمة.
وفي التاريخ الإسلامي أمثلة مشرفة للمجتمع حينما تصفو القلوب وتزول البغضاء، فقد كان في الصحابة -رضوان الله تعالى عليهم- أغنياء وكان فيهم فقراء، وكان أحدهم يقول لصاحبه: عندي زوجتان انظر أعجبهما إليك فأطلقها وتتزوجها، وعندي من الضياع كذا وكذا أتنازل لك عن نصفها، فيقول له الصحابي الفقير المهاجر: بارك الله لك في مالك وبارك الله لك في أهلك، ولكن دلني على السوق، فيذهب ويعمل ويرزقه الله تعالى.