كلها: هو ما لاحظوه من تردي الإنتاج الزراعي، ومعرفتهم أن سبب ذلك إنما يعود إلى ضعف الحوافز على العمل، وعدم تمكن الحكام من دقة معرفة المقصر من غيره في المجال الزراعي، الذي تصعب مراقبته إلى حد كبير.
بخلاف المجال الصناعي الذي تم إخضاعه بدقة للملاحظة والمراقبة الصارمة، بحيث يعهد لكل شخص بمهمة خاصة في العمل، فإذا حصل خلل في أي قطعة من الصناعة عرف صاحبها فورًا ونال عقابه الذي لا يعرف الرحمة، بخلاف العامل الزراعي الذي أفلت من هذه المراقبة الصارمة، فكانت النتيجة أن أخذت الدول الشيوعية تتكفف الدول الغربية القمح والحبوب، وزعموا أن ذلك النقص في الجانب الزراعي إنما كان بسبب الآفات الزراعية، ولكن الحل الذي عالجوا به تلك الآفات يفصح عن السبب الحقيقي، حيث سمحوا بعد فوات الأوان بإتاحة الملكية الفردية لقسم من المحصول الزراعي، يتملكه المزارع تشجيعًا له لزيادة الإنتاج ولزيادة نشاط المزارعين، وهو دليل واضح على فشل نظام منع الملكية الفردية وأنه أشد الآفات.
يقولون: إن الصراع الطبقي لم يكن له أي سبب غير معرفة الإنسان للزراعة والصناعة، فهذا قول بالتخمين وهو أكذب الكذب، ولن يجد القائلون به أي دليل عليه لأنهم ادعوا شيئا هو أقدم منهم، كما أن هذا الأمر ليس هو السبب الوحيد للصراع بين الناس، وإنما هو واحد من عدة أسباب لا تكاد تحصر، كما أن هذا السبب قد يوجد في بعض المجتمعات وقد لا يوجد، فليس هو أمر حتمي كما يدعي الملاحدة.