هذا الكون قد نشأ من تلقاء نفسه من العدم وهذا مرفوض بداهة، وإما أن يكون هذا الكون أزلي الوجود ليس لنشأته بداية وهذا الاحتمال يساوي ما يقوله المؤمنون بالله من أزلية الخالق، لكن قوانين الكون تدل على أن أصله وأساسه مرتبط بزمان بدأ من لحظة معينة، فهو إذًا حدث من الأحداث، فلا يمكن إحالة وجود هذا الحدث المنظم البديعي إلى المصادفة عقلًا، ولذلك فهذا الاحتمال باطل، وإما أن يكون لهذا الكون خالق أزلي أبدعه، وهو الاحتمال الذي تقبله العقول دون اعتراض، وليس يرد على إثبات هذا الاحتمال ما يبطله عقلًا فوجب الاعتماد عليه.
الشبهة الأولى: دليل الجاذبية: فقد زعموا أن اكتشاف نظام الجاذبية -في عالم الفلك- أن هذا الكون محفوظ بقانون الجاذبية ومتماسك بسببها، وليس بقدرة إله خالق. لا شك أن هذا الفهم تافه إذ يقال لهم: هل نظام الجاذبية ينفي وجود إله خالق قادر، أما أنه على العكس يدل على وجود هذا الإله سبحانه وتعالى؟! الذي خلق الجاذبية ذاتها لتعمل وفق ما أراد وقدر لا وفق ما تريد هي، إذ لا إرادة لها ولا وجود لها من نفسها، فهي قد وجدت بعد أن لم تكن، وهذا الترتيب العجيب في الكون يفوق كل قدرة يفوق كل تدبير. لقد حير العقول وتضاءلت دون إدراكه الأفهام، فكيف ينسب هذا كله إلى الجاذبية المحدثة المخلوقة؟!.
كما أن كثيرًا من الملاحدة يعترفون بعجزهم عن الوصول -عن طريق الأبحاث والتجارب- إلى معرفة أسرار كثيرة من الحقائق المشاهدة في هذا الكون، وهذا الإقرار يلزمهم أن يقروا أيضًا بحقيقة الإله بل وحقيقة الدين؛ لأنه يشتمل على