جاهدون وجادون في محو كل القيم الإنسانية أو أي شيء يؤدي إلى احترام إنسانية الإنسان، معلوم أنهم يعرفون تلك الحقيقة ولكنهم يتحاشون البوح بها؛ لئلا يؤدي ذلك إلى احترام القيم والمثل، ولئلا يؤدي ذلك إلى التهذيب الديني للإنسان، الذي يجعل كل الفضائل للمادة خيرًا من جعلها للإنسان في ميزان الملاحدة؛ لأن المادة لا خطر من ورائها، ولا يؤدي احترامها إلى فرض القيم الدينية التي يخافونها، والتي تذكرهم باستبداد الدين النصراني المحرف.
فتطور الإنسان في حياته المادية في معيشته وفي طريقة سكنه وفي ملبسه ومركبه أمر واقع، فقد كان الناس يركبون الجمال والبغال والخيل، واليوم أصبحوا يركبون السيارات والطائرات والسفن، وغير ذلك من الوسائل التي تطور فيها الناس، وهذا التطور بهذا المفهوم أمر حقيقي لا يجهله أحد، إلا أنه لم يكن نتيجة لتصادم الحاجات، كما أن وجود القيم الإنسانية والأخلاق والدين وسائر الفضائل -التي امتاز بها الإنسان عن الحيوانات البهيمية- لم تنشأ عن صراع وتناقض، ولم يكن فيها الإنسان كالحيوان في المعايير والقيم والسلوك، كما قرره الملاحدة حسب ما استخلصوه من نظرية "داروين" و"فرويد".
يزعمون أن نظام الأسرة إنما هو ناشئ عن أوضاع اقتصادية، مثله مثل سائر القيم والأخلاق، وليس هناك نظام إلهي بشأنه، ولهذا فنظام الأسرة في نظرهم قابل للتطور حسب الأحوال الاقتصادية؛ لأن الأسرة في النظام الشيوعي إنما نشأت عن تطورات متلاحقة، حسب تفسيرهم المادي للحياة، وكانت بداية الأسرة على الأقسام الآتية: