تولى كبر هذه الدعوة "أوجست كونت" و"خرباخ" و"ماركس" وغيرهم بدافع قوي من الحقد الشديد على رجال الدين الكنسي، الذي يمثل حسب تعليلهم قوة ما وراء الطبيعة من الأمور الغيبية والروحية، والتي اعتبروها وهمًا وخداعًا لا حقيقة له لعدم اندراجها تحت قوة الإحساس والإدراك المباشر، وأن الالتجاء إلى ذلك الغيب إنما نتج عن الوراثة والبيئة والحياة الاجتماعية في تلك الأزمان المختلفة بزعم دعاة الإلحاد، وقد ظلت الشيوعية قرابة سبعين عامًا في صولة وجولة قوية يحسب لها حسابها، إلى أن أذن الله بزوال قوتها سبحانه بقدرته وحده، إذ ما كان أحد يفكر في النيل منها، فإذا بها يأتيها حتفها بظلفها على يد آخر زعيم لما كان يسمى بالاتحاد السوفيتي، وهو "ميخائيل جورباتشوف" وأفل نجمها وجبروتها وثارت الشعوب واقتصوا من كل الظالمين.

والآن وبعد أن تبين المصير النهائي للماركسية الشيوعية نقول: إنه من الغريب جدًّا أن تموت الشيوعية في عقر دارها -الاتحاد السوفيتي سابقًا- وأن تكتشف الشعوب أن هذا المذهب فاشل باطل لا يجر إلى خير، بل إلى الخراب والدمار وإثارة البغضاء وانتشار البطالة والفواحش، وأن الجنة الأرضية التي وعد بها "كارل ماركس" إن هي إلا سراب خادع وآمال كاذبة، وأن تعاليمه إن هي إلا جحيم لا يطاق وتعاسة وشقاء، وأن الشعوب كانوا يساقون إلى الموت وهم ينظرون طائعين أو مكرهين، وإن في التخلص من هذا المذهب راحة لا تعدلها راحة وفوزًا لا يعدله فوز، فهبت تلك الشعوب المظلومة لتنفض عنها غبار تلك السنين العجاف، ثم داسوا مبادئ "ماركس" ونظرياته تحت نعالهم وتنفسوا الصعداء، وبعضهم قام بشنق تمثال بعض طغاة الشيوعية القدماء وبعض الحكماء الحاليين وقالوا: لا رجعة للشيوعية هنا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015