الدين والعقل والأخلاق والعلوم والآجال، فقدر الله بينهم كذلك في الأرزاق، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم)).
فهذه من الحكم التي رتبها الله على تفاوت الناس وتفاضلهم في الرزق، فجاء دعاة الاشتراكية ومذيب الطبقات فضادوا الله في قضائه وحكمته، وقالوا: نحن نرى أن هذا جور وظلم وتصرف لا يصلح به العباد، وإنما العدل والحق هو إذابة الطبقات وتسوية الناس في الفقر والذلة، وأبطلوا الحكم التي تترتب على تفضيل الناس بعضهم على بعض في الرزق.
الوجه السادس من أوجه بطلان الاشتراكية: أن في النظام الاشتراكي مضادة لله في شرعه، فإن الله تعالى رتب على تفاضل الناس في الرزق أحكامًا شرعية، كالزكاة، والكفارة، والنفقة، وهذه الأحكام لا تتأتى إلا بوجود محلٌّ لوجودها ومحلٌّ لمصرفها إذا تساوى الناس في الرزق لم يكن بينهم فرق؛ حيث يكون بعضهم محلًّا للوجوب، وبعضهم محلًّا للمصرف، فممن نأخذ الزكاة وإلى من نصرفها، ومن الذي تجب عليه الكفارة، وإلى من يعطيها، وهكذا النفقة.
وهذه جناية عظيمة على الإسلام لتعطيل بعض أحكامه، وجناية على المسلمين لتعطيل أجورهم وثوابهم على هذه النفقات.
الوجه السابع من أوجه بطلان الاشتراكية: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} (النساء: 29)، فاشترط الله في التجارة أن تكون صادرة عن تراضٍ من الطرفين، فإذا لم تكن صادرة عن تراضٍ فهي من أكل المال بالباطل المنهي عنه بقوله: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}، وتأمل قوله: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ} تجد أنها صريحة