وأما قانون تكدس رأس المال فإنه يراد به حماية العامل في حال إقامة المصانع والمشاريع الكبيرة، وسيطرة أصحابه على السوق؛ حيث تبقى المصانع الصغيرة أو المشاريع الصغيرة غير قادرة على منافسة الكبيرة، وبالتالي يخسرها أصحابها، فتتكدس الأموال بين فئة الأغنياء من جراء ملكيتهم لهذه المصانع، وملكيتهم لفائض القيمة.
ويرد على هذه الفكرة أن المشاريع الصغيرة قد تصل إلى الأماكن النائية التي لا تستطيع المشاريع الكبيرة الوصول إليها، ومنافستها فيها، ثم إن الأعمال الصغيرة قد تأخذ شهرة أكثر من الكبيرة من حيث الإتقان والجمال، ولهذا تجد العمل اليدوي في مجالات كثيرة لا يزال ذا قيمة أكبر في المجتمعات، وفي أثمان السلع. كما أن المشروعات الكبيرة في أغلبيتها تأخذ شكل شركات مساهمة قد يسهم فيها مئات بل آلاف، من ثم توزع رأس المال ولا يتكدس، فوق ذلك كله يقال لهم: إن الله تعالى وإن لم يؤمنوا به هو الذي قسم الأرزاق {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} (الزخرف: 32)، ولهذا تجد أن الفقير والغني كلاهما يأكلان من فضل الله، وصدق المتنبي حيث قال:
ولو كانت الأرزاق تجري على الحجى
هلكن إذًا من جهلهن البهائم
وصل ِّ اللهم على سيدنا محمد النبي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.