(2) أن هناك فرقا في تصور الزمن بين الحضارات القديمة والحضارة الأوربية الحديثة، فالحضارات القديمة تستطيع التغاضي عن الزمن، بينما تصر الحضارة الآوربية على وجوده، وتربط الثقافة والحياة ربطا محكما به.

(3) وبناء على الملحوظة يمكن القول أن الحضارة الإسلامية (حسب تصوري) كانت ترى الزمن دورات؟ محدودة الأمد - يتخللها نظرة رجوعية إلى الماضي، بينما تذهب الحضارة الأوربية إلى أن الزمن تيار مستمر، وخاصة منذ أن ارتبطت في القرن التاسع عشر بفكرة التقدم أو النطور التي تعني استمرار السير قدما، دون معوقات من النظرة إلى الوراء، فإذا تحدثنا عن التطور أو التحول فإنما نستعير تصور الحضارة الأوربية للزمن.

(4) أن هناك فرقا أساسيا بين رؤية برجستون للزمن، وما حاوله بروست في التطبيق الأدبي، فبينا يرى برجستون أن الزمن الذي يمثل تجربة نوعية؟ لا كمية حين يكون زمنا مسقطا على المكان أو المسافة - لا بد أن يستعاد لا متقطعا على أنه لحظات عاشها المرء، وإنما لا بد من بعث الروابط التي تصل بين تلك اللحظات، بينما حاول بروست، بعث تلك اللحظات في الماضي دون أن يعبأ بإقامة صلة زمنية بينها.

(5) أن " الزمن " ظل حتى مطلع هذا القرن يقف في أحد اعتبارين: فأما هو حقيقة واقعية خارجية، وأما هو حقيقة ذاتية يتضاءل وجودها الخارجي المستقل. ولكن في سنة 1908 صرح العالم الرياضي هرمان منكوسكي بقوله: " بعد اليوم يتضاءل الزمن وحده، أو المسافة وحدها، ولن يحفظ ارتباط الزمن؟ بالمكان - أو المسافة - في أدب اقرن العشرين، وتحول أحدهما إلى الآخر، أمرا ضروريا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015