أنا أيها النائي الغريب

لك أنت وحدك، غير أني لن أكون

لك أنت؟ اسمعها، واسمعهم ورائي يلعنون

هذا الغرام

سيبقى لا ثواء ولا رحيل، سيحاول السير فيجد أن قدميه مسمرتان في مكانهما، وسيستنجد بإرادته، لا بد من المضي للقاء تلك التي تنتظره، لأنه يحس بقسوة الشموع التي ستضاء في عرس تلك المتشبثة به؟ وهي ليست له -، لا بد من المضي، فترتخي يداها عنه، ليجد نفسه واقفا حيث هو لا يستطيع أن ينقل قدما.

نحن إذن مرة أخرى في جو رومنطقي: غريب في جو حزين وذكريات حزينة، فالسوق كئيب والحوانيت كأنها أنغام تذوب والأنغام التي تتأدى فيه حزينة والنور شاحب ووجوه العابرين شاحبة وكلامهم غمغمة، والأشياء؟ بسبب الضوء الباهت (أو بسبب نفسية الغريب على الاصح) توحي بتنبؤات كئيبة: فالأكواب تحلم بالشراب والشاربين، وربما حشرجت فيها الحياة وبردت، والمناديل حائرة لأنها تنبئ عما سيحدث في المستقبل من مناظر وداعية، يضوع فيها العطر أو يضرجها الدم الذي يتقطر. مغمغما " مات. مات "؟ تماما كما فعلت الطبيعة في قصيدة نازك، إلا أن الكلمة هنا ليست سحرية، ولا تتردد سوى مرتين، وتنقطع النبوة عند هذا الحد، فيما يتصل بالمناديل، لأن سلعة أخرى شغلت انتباه الغريب وهي الشموع التي يراها؟ بعين بصيرته - وقد أوقدت في المخدع المجهول، في مكان ما في جنوب العراق، وحيث عاش الغريب يحلم " بالصدر والفم والعيون "، وطال به الحلم:

بين التمطي والتثاؤب تحت أفياء النخيل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015