عنها، لا لجمود فيه، أو انغلاق في نظرته، بل لأنه يعجز أن يطور كل يوم قيمة جديدة، لو كان تقييم الشعر الحديث أو ذلك الجانب منه؟ يعتمد فيها جديدة - ثم أنه لا يستطيع أن يعمل دون قيم في ميدان يرفض كل تقييم " من الخارج ".
ذلك أنه بتأثر من السريالية قد جدت أشياء كثيرة في النظر إلى الشعر ومهمته: إذ لم يعد الشعر صورة من صور الأدب بل أصبح شيئا مستقلا، والفرق بينهما أن الأدب نتاج فعل الموهبة داخل حدود مرسومة، وأن الشعر كشف ذو مهمتين، تحويل العالم وتفسير العالم، أو كما يقول بريتون: " أن دور الشعر أن يظل يتقدم دون توقف، أن يكتشف مجال الإمكانات في كل وجهة، وأن يبدو دائما؟ مهما يحدث من أمر - قوة تحريرية ورصدية ". وعلى هذا الأساس يصبح انفتاح الشعر للفهم هو الدور الأكبر للكشف، لآن مهمة الشاعر الأولى هي إخراج اللفظة من الحيز العقلي، حتى تصبح الكلمة قادرة على أن تعبر " عن فعالية الروح وحاجتها " أي تصبح ثورة، وتصبح " لعبة الكلمات "، بما فيها من إيحاءات صوتية، أهم بكثير من قيمتها السمانتية (الدلالية) . ولهذا يتسم جانب كبير من الشعر الحديث بالغموض لأن الشعر لا يخضع للمواصفات العقلية، أي لا يقصد فيه التوصيل المباشر بين الشاعر والجمهور، وإنما يكون هذا التوصيل بمقدار ما تتمتع به لغة الشاعر من نزعة ثورية، بل أن هذا التوصيل غير وارد إذا لم يكن هنالك جمهور يستطيع ذلك، لأن هذا الجمهور سيتكون مع الزمن.
مثل هذا الموقف يحدد دور الناقد التحليلي، فيكون ما يقوله في تحليل هذا الشعر تسورا منه على حمى ذلك الفن، أو شيئا لا يثير الاهتمام، لأنه مرتبط بمعايير لا يقرها